نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 137
و بالجملة فذات الإنسان من حيث ما اجتمع قوى جميع الموجودات صار معدن
آثارها و مجمع حقائقها، مستودعا فيه معاني العالم، و كأنه مركب من جماد و نبات و
بهائم و سباع و شياطين و ملائكة، و لذلك يظهر في شعار كل واحد منها، فيجري تارة
مجرى الجمادات في الكسل و قلة التحرك و الانبعاث، و على هذا نبه بقوله:ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ
ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً،و قد يظهر في شعار النباتات الجميلة و الذميمة، فيصير إما كالأترج في
لونه و طيبه و طعمه، أو كالنخل و الكرم في المنافع، أو كالحنظل في خبث المذاق، و
كالكشوث[1]في عدم الخير،
و على هذا نبه بقوله:مَثَلًا
كَلِمَةً طَيِّبَةًومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍالآية، و يظهر تارة في شعار الحيوانات المحمودة
أو المذمومة، فيصير إما كالنحل في كثرة منافعه و قلة مضاره و في حسن سياسته، كما
في قوله تعالى:وَ
أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِالآية،
او كالخنزير في الشره، او كالذئب في العيث[2]، أو كالكلب في الحرص، أو كالنمل في الجمع و
الادخار، او كالفأرة في السرقة، أو كالثعلب في المراوغة[3]، أو كالقرد في المحاكاة، أو كالحمار في البلادة،
أو كالثور في الأكل، و إلى هذا النحو من المشابهات دل بقوله تعالى:وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ
لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ،و يظهر تارة في صفات الشياطين و يسول الباطل في صورة الحق كما دل
بقوله تعالى:شَياطِينَ
الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ
غُرُوراً.
و أفضل قوة فيه التي بها يستحق خلافة اللّه في العالم هي القوة
العقلية، و أشرف صفاتها التي بها يفوق على الملائكة كلها هي العلم و الحكمة، كما
جعل اللّه النبات زبدة العناصر و الحيوان زبدة النبات، و جعل الإنسان سلالة العالم
و زبدته، و هو المخصوص بالكرامة، كما قال:
[1] - نبات مجتث مقطوع الأصل و هو أصفر يتعلق بأطراف الشوك و
غيره و الذي يركب النباتات الزارعية.