نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 127
الأرضي ثم في العالم الأعلى السماوي، فقد تبين أن وجود الإنسان لم
يحدث من اللّه إلا بعد استيفاء الطبيعة جميع درجات الأكوان، و طيها منازل النبات و
الحيوان، فيجتمع في ذاته جميع القوى الأرضية و الآثار النباتية و الحيوانية، و هذا
أول درجات الإنسانية التي اشترك فيها جميع أفراد الناس، ثم في قوته الارتقاء إلى
عالم السماء و مجاورة الملكوت الأعلى بتحصيل العلم و العمل، كما قال تعالى:إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ
الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ،ثم له أن يطوي بساط الكونين و يرتفع من العالمين بأن يستكمل ذاته
بالمعرفة الكاملة و العبودية التامة، و يفوز بلقاء اللّه بعد فنائه عن ذاته، و
حينئذ يصير رئيسا مطاعا في العالم العلوي، مسجودا للملائكة السماوية، يسري حكمه في
الملك و الملكوت، و يسمع دعاؤه في حظيرة قدس الجبروت، قال تعالي في خلقة بدن
الإنسان:وَ لَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ،فالطين مادته الأولى، لأنه الجزء الغالب من عناصره، كالنار في الجن،
و السلالة مادته الثانية مرتبتها مرتبة المعدنيات لكون صورتها حافظة لتركيبها، و
لهذا عقب بقوله «ثُمَّجَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ
مَكِينٍ»،و قوله «ثُمَّخَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً»،إشارة إلى المراتب السابقة على الإنسانية
المشتركة جميع الحيوانات مع الإنسان، و قوله:ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخالِقِينَ،إشارة إلى نحو
آخر من الوجود، مخالف الذات و الحقيقة لما سبق من الأطوار السابقة على الإنسانية،
و هي كلها صور كونية قائمة بالجسم، و هذا نور فائض من اللّه قائم بذاته، بل بذات
اللّه تعالى، قيام الضوء الوارد على وجه الأرض بذات الشمس لا بذاته و لا بذات
الأرض بل الأرض مظهر قابل لظهوره، و كذلك البدن العنصري باستعداده مظهر قابل لظهور
هذا النور الرباني الذي من اللّه مشرقه و إلى البدن مغربه و مهبطه، و سيرد إلى
اللّه يوم طلعت الشمس من مغربها، فتطلع هذه النفس عند خراب القالب إلى خالقها و
منشئها، و يرجع إلى اللّه إما زاهرة مشرقة، و إما مظلمة منكسفة، و المظلمة أيضا
راجعة إلى الحضرة الإلهية، إذ مرجع الكل و مصيره إليه، إلا أنها ناكسة الرءوس
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 127