نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 113
الغيبة و الحجاب و عدم الحضور، حتى أن كل جزء منها يغيب عن صاحبه و
ليس لها وجود جمعي حضوري، فلم يكن مدركة و لا معلومة و لا محسوسة إلا بالتبع لا
بالذات، فهي مناط الجهل و الموت و الظلمة، و أما صورة مفارقة عن المادة و لواحقها
فوجودها وجود حضوري إدراكي، لأن وجودها في نفسها بعينه وجودها لمدركها، سواء كانت
صورة جزئية أو كلية، محسوسة أو معقولة، فهي المدركة بالفعل دائما، و الأولى ليست
مدركة بالفعل ما لم ينتزع عن مادتها، و القسم الأول هو وجود الدنيا و ما فيها، و
لا يكون لها في نفسها حياة إلا بأمر خارج عنها وارد عليها، و القسم الآخر، هو وجود
الآخرة و ما فيها، و إن حياتها ذاتية لها لا بأمر خارج، و لهذا قال اللّه تعالى في
حق الدنيا:إِنَّمَا
الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ*،و قال في حق الآخرة:وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا
يَعْلَمُونَ،و لأجل ذلك
قيل: إن حال الإنسان في كل ما يراه من الدنيا كحال النائم في المنام عن الرؤيا
التي يراها، ما هي إلا أمثال و حكايات لما هي حقائق موجودة في الخارج يحتاج إلى
التعبير.
فالعارف بمنزلة المعبر الذي يعبر عنها بأمور أخروية، كما قال سبحانه:وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها
لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ،و قيل أيضا:
إن الدنيا مرآة الآخرة فإنها عالم الشهادة و يرى فيها ما في عالم
الغيب و هي الآخرة.
و ما أحسن تشبيه الدنيا بالمرآة، حيث إن سطح المرآة من جهة اللون
لأجل الصقالة صار عدميا، لكنه يصير لأجل صقالته و قوة إمكانه مظهرا لما يقابله من
الأشكال و الألوان، كذلك الدنيا أمر عدمي إمكاني حامل للعدم و القوة الإمكانية،
فصارت مظاهر لما يقابله من عالم الآخرة، فيرى فيها صور الأشياء الثابتة في عالم
آخر على وجه محسوس جزئي، لتطرق النقائص و الأعدام إلى تلك الصور من جهة المظهر
الدنياوي، فهذا العالم في الوجود تابع لعالم الغيب، كما أن الصورة في المرآة تابعة
لصورة الناظر، أ لا ترى أن صورتك في المرآة و إن كانت هي الثانية في رتبة
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 113