فاعلا و قابلا معا 3، و
قد تقدّم بطلانه 4. و أمّا كون المفيض أمرا مادّيّا، فيبطله أنّ المادّيّ أضعف
وجودا من المجرّد، فيمتنع أن يكون فاعلا لها و الفاعل أقوى وجودا من الفعل. على
أنّ فعل العلل المادّيّة 5 مشروط بالوضع، و لا وضع لمجرّد.
فتعيّن أنّ المفيض لهذه
الصور العقليّة، جوهر مجرّد عقليّ؛ هو أقرب العقول المجرّدة من الجوهر المستفيض؛
فيه جميع الصور العقليّة المعقولة عقلا إجماليّا 6؛ تتّحد معه
3- قوله قدّس سرّه: «لا
ستلزامه كون الشيء الواحد فاعلا و قابلا معا»
إن قلت: كيف يكون العقل
الإجماليّ خلّاقا للتفاصيل؟ أليست التفاصيل علوما جديدة؟! و أليست النفس في مرتبه
العقل الإجماليّ فاعلا لها، و هي مع ذلك قابل لها أيضا؟!
قلت: النفس حين تكون فاعلة
للصور، لا تكون قابلة لها بمعنى المستكملة بها، و إنّما تكون متّصفة بها اتّصاف
العلّة بمعلولها. و قد مرّ في الفصل العاشر من المرحلة الثامنة الفرق بين القبول
بمعنى الاستكمال، و القبول بمعنى الاتّصاف، و أنّ المستحيل هو كون شيء واحد فاعلا
و مستكملا بشيء، و أمّا كونه فاعلا له و متّصفا به، فلا بأس باجتماعهما فى شيء
واحد.
4- قوله قدّس سرّه: «قد
تقدّم بطلانه»
في الفصل العاشر من
المرحلة الثامنة.
5- قوله قدّس سرّه: «على
أنّ فعل العلل المادّيّة»
المراد بها العلل
الجسمانيّة، التي مرّت الإشارة إلى بعض أحكامها في الفصل الخامس عشر من المرحلة
الثامنة. و من تلك الأحكام أنّ فعلها مشروط بالوضع الخاصّ. و ليس المراد من العلل
المادّيّة هنا العلّة المادّيّة التي تقابلها العلّة الصوريّة.
6- قوله قدّس سرّه: «فيه
جميع الصور العقليّة المعقولة عقلا إجماليّا»
لا يخفى: أنّ هذه الصور
عند المشّائين قائمة بالجوهر المجرّد قيام الوجود الذهنيّ بالنفس؛ لأنّهم يرون
علمه تعالى و علم العقول المجرّدة علما حصوليّا. و أمّا عند المصنّف تبعا لصدر
المتألّهين قدّس سرّه، فوجود الصور فيه إنّما هو وجدانه بوجوده جميع الصور بوجود
واحد بسيط هو عين وجوده؛ لأنّ العلّة واجدة لكمال المعلول و وجوده بنحو أعلى و
أشرف.