مفيض الصور العقليّة
الكلّيّة جوهر عقليّ مفارق للمادّة، عنده جميع الصور العقليّة الكلّيّة. و ذلك لما
تقدّم 2 أنّ هذه الصور العلميّة مجرّده من المادّة، مفاضة للنفس، فلها مفيض؛ و
مفيضها إمّا هو النفس، تفعلها و تقبلها معا؛ و إمّا أمر خارج مادّيّ، أو مجرّد.
أمّا كون النفس هي
المفيضة لها الفاعلة لها، فمحال؛ لاستلزامه كون الشيء الواحد
1- قوله قدّس سرّه: «في
مفيض هذه الصور العلميّة»
أي: في فاعلها القريب. و
لا يخفى: أنّ الكلام في هذا الفصل مسوق على مسلك المشّائين، الذين ينسبون الإفاضة
و التأثير إلى غيره تعالى أيضا، و يرونه تعالى علّة العلل و مسخّرا لها. و أمّا
على طريقة الحكمة المتعالية، فالمفيض لكلّ شيء ذاته تبارك و تعالى.
و قد مرّ بيان كلا
المسلكين في الفصل الثامن من المرحلة الثامنة، و سيأتي أيضا في الفصل الرابع عشر
من المرحلة الثانية عشرة.
قوله قدّس سرّه: «في مفيض
هذه الصورة العلميّة»
مراده من الصور العلميّة
هنا، هي العلوم الحصوليّة، التي تاخذها النفس- في رأى المصنّف تبعا لصدر
المتألّهين قدّس سرّه- من معلوم حضوريّ، هو مجرد عقليّ أو مثاليّ. و مفيضها هو ذلك
المجرّد، لكنّه وجود واحد جامع بوحدته و بساطته كلّ معلوم، و النفس إنّما تشاهد
منه ما تستعّد له، فيفيض عليها منه صورة مناسبة له.