صدقه على كثيرين 3،
كالإنسان المعقول، حيث يجوّز العقل صدقه على كثيرين في الخارج. و الجزئيّ ما يمتنع
العقل من تجويز صدقه على كثيرين، كالعلم بهذا الإنسان، الحاصل بنوع من الاتّصال
بمادّته الحاضرة، و يسمّى علما حسّيّا و إحساسيّا، و كالعلم بالإنسان المفرد من
غير حضور مادّته، و يسمّى علما خياليّا.
و عدّ هذين القسمين من
العلم جزئيّا ممتنع الصدق على كثيرين، إنّما هو من جهة اتّصال أدوات الحسّ بمادّة
المعلوم الخارجيّ في العلم الحسّيّ 4، و توقّف العلم الخياليّ
- الإضافة إلى الأمر
الشخصيّ.» انتهى. و لأجل ما نبّه عليه في ذيل كلامه هذا قد يعرّف الوهم بإدراك
المعاني الجزئيّة.
و لكن ذهب صدر المتألّهين
قدّس سرّه إلى أنّ الإدراك الوهميّ ليس إلّا نفس الإدراك العقليّ مضافا إلى إدراك
خياليّ، فالمحبّة أمر معقول يضاف إلى زيد و هو متخيّل جزئيّ. و لا يصحّ عدّ المركّب
من قسمين من الإدراك قسما آخر. و إلّا لم تنحصر الأقسام.
قال في الأسفار ج 3، ص
361- 362: «و اعلم أن الفرق بين الإدراك الوهميّ و العقليّ ليس بالذات، بل بأمر
خارج عنه، و هو الإضافة إلى الجزئيّ و عدمها. فبالحقيقة الإدراك ثلاثة أنواع، كما
أنّ العوالم ثلاثة أنواع. و الوهم كأنّه عقل ساقط.» انتهى.
و المصنّف قدّس سرّه و إن
تبع صدر المتألّهين قدّس سرّه في إسقاط الإدراك الوهميّ، إلّا إنّه نسبه إلى الحسّ
المشترك. و يبدو أنّ الحقّ هو ما ذهب إليه صدر المتألّهين. فراجع الأسفار ج 3، ص
360 الى ص 362، و تعليقة المصنّف قدّس سرّه عليها هناك.
ثمّ إنّ المصنّف قدّس سرّه
قد أسقط الإحساس أيضا في تعليقة له هناك أيضا، معلّلا ذلك بأنّ حضور المادّة
المحسوسة و غيبتها لا يوجب مغايرة بين المدرك في حال الحضور و عدمه. و هو الحقّ
الذي لا بدّ أن يعوّل عليه.
3- قوله قدّس سرّه: «من
فرض صدقه على كثيرين»
أي: من تجويز صدقه، كما
يظهر من تبديل الفرض بالتجويز في العبارات الآتية.
4- قوله قدّس سرّه:
«إنّما هو من جهة اتصال أدوات الحسّ بمادّة المعلوم الخارجيّ في العلم الحسيّ»-