قال في الأسفار: «و
بالجملة، وجود كلّ علّة موجبة يتقدّم على وجود معلولها
وجد بالآخر و وجب به، كما
هو المنسبق إلى ذهن العامّة عند تصوّر العلّة و المعلول. و أمّا في هذا التقدّم،
فلا يعتبر المعلول إلّا عين الربط بعلّته، لا يوجد إلّا في علّته، و ليس له وجود
مستقلّ عنه.
هذا على ما فسّره المصنّف
قدّس سرّه، كما يظهر ممّا سيأتي منه في بيان الملاك في هذا النوع من التقدّم و
التأخّر، و كذا في تقرير الحدوث بالحقّ.
و أمّا ما يظهر من كلمات
صدر المتألّهين قدّس سرّه المنقول بعضها في المتن- و هو الّذي يستفاد من كلمات
الحكيم السبزواري و المحقّق الآشتياني و غيرهما- فهو أنّ المعلول لا يكون إلّا من
شؤون علّته و أطوار وجودها. فليس هناك تعدّد في وجود السابق و اللاحق، بل ليس هناك
إلّا وجود واحد هو الواجب تعالى و ظهوراته، فلا تأثير و لا تأثّر. إنّما المتقدّم
هو وجود الواجب تعالى و المتأخّر هو ظهوره. و ظهوره نفسه، و ليس شيئا وراءه. قال
في الأسفار ج 3، ص 257:
«التقدّم بالحقّ و
التأخّر به، و هذا ضرب غامض من أقسام التقدّم و التأخّر، لا يعرفه إلّا العارفون
الراسخون؛ فإنّ للحقّ تعالى عندهم مقامات في الإلهيّة، كما أنّ له شؤونا ذاتيّة
أيضا لا ينثلم بها أحديّته الخاصّة، و بالجملة وجود كلّ علّة موجبة يتقدّم على
وجود معلولها الذاتيّ هذا النحو من التقدّم» انتهى. و قال الحكيم السبزواري قدّس
سرّه في تعليقته عليها:
«حتّى أنّ المبادىء
المقارنة فضلا عن المفارقة شؤونه تعالى الذاتيّة، و فاعليّتها درجات فاعليّته، و
بالجملة المعيار في كون هذا التقدّم ضربا آخر، كون المتقدّم و المتأخّر فيه في حكم
شيء واحد، بخلافهما في الضروب الباقية» انتهى.
و قال المدرّس الآشتياني
قدّس سرّه في تعليقته على غرر الفرائد ص 363:
«و هنا قسم آخر من أقسام
السّبق، اصطلح عليه صدر المتألّهين، بل قاطبة أهل اللّه من العرفاء الشّامخين، و
هو السبق بالحقّ، و هو أن لا يكون للمتأخّر وجود و للمتقدّم وجود آخر، و لو في
طوله، بل يكون المتأخّر من أطوار المتقدّم، و بالجملة: لا يكون هناك إلّا شيء
واحد و أطواره.
و الملاك في هذا القسم
الانتساب إلى ذي الطّور أو مطلق الكون، الأعمّ من الأصليّ و العكسيّ، و الظّلّيّ و
الطوريّ، و كيفيّة حصوله للمتقدّم قبل المتأخّر من قبيل ما ذكرنا سابقا.» انتهى.