بين الجزئين 5 من هذا
الكمّ حدّ مشترك؛ و لو لم يكن غير قارّ، لاجتمع ما هو قبل و ما هو بعد بالفعل.
و إذا كان الكمّ عرضا
فله موضوع، هو معروضه؛ لكنّا كلّما رفعنا الحركة من المورد ارتفع هذا المقدار، و
إذا وضعناها ثبت. 6 و هذا هو الّذي نسمّيه زمانا.
فالزمان موجود، و
ماهيّته أنّه مقدار متّصل 7 غير قارّ عارض للحركة.
و قد تبيّن بما مرّ
أمور:
الأوّل: أنّه لمّا كان كلّما وضعنا حركة، أو بدّلنا حركة من حركة، ثبت هذا
الكمّ المسمّى بالزمان، ثبت أنّ لكلّ حركة- أيّ حركة كانت- زمانا خاصّا بها،
متشخّصا بتشخّصها 8، ................ ................ ................
............
فكان القبل قبلا فقط من
غير أن يتحقّق فيه البعد، و البعد بعدا من غير أن يتحقّق فيه القبل.
فالإثنان ينقسم إلى واحد
هو قبل فقط و واحد آخر هو بعد فقط، و هكذا. فكلّ عدد ينتهي في تقسيمه إلى الواحد
الّذي لا ينقسم. و هذا بخلاف الكمّ المتّصل الّذي لا يقف تقسيمه على حدّ.
5- قوله قدّس سرّه: «لم
يكن بين الجزئين»
أي: الجزئين المفروضين.
6- قوله قدّس سرّه:
«لكنّا كلّما رفعنا الحركة من المورد ارتفع هذا المقدار و إذا وضعناها ثبت»
فيعلم أنّ معروض الزمان و
موضوعه هي الحركة.
7- قوله قدّس سرّه:
«ماهيّته أنّه مقدار متّصل»
أي: كمّ متّصل، لا المقدار
بمعناه الأخصّ، و هو الكمّ المتّصل، و إلّا لكان ذكر «متّصل» حشوا في التعريف.
8- قوله قدّس سرّه:
«متشخّصا بتشخّصها»
أي: موجودا بوجودها.
فالمراد بالتشخّص هنا هو الوجود، لكونه مساوقا له. و إلّا فالحركة أمر مبهم، يكون
تشخّصها بالزمان الّذي هو مقدار لها متشخّص بذاته، كما سيصرّح قدّس سرّه به في
الأمر الثاني. فهي متشخّصة بتشخّصه، لا أنّه متشخّص بتشخّصها.