بنفسها، فتكون متجدّدة،
كما كانت تجدّدا؛ و إنّما وجودها لغيرها الّذي هو الموضوع الجوهريّ. فحركة الجسم
مثلا في لونه، تغيّره و تجدّده في لونه الّذي هو له، لا تجدّد لونه. 18 و هذا
بخلاف الجوهر، فإنّ وجوده في نفسه هو لنفسه 19، فهو تجدّد و متجدّد بذاته؛ فإيجاد
هذا الجوهر إيجاد بعينه للمتجدّد، و إيجاد المتجدّد إيجاد لهذا الجوهر، لا إيجاد
جوهر ليصير متجدّدا. فافهم.
حجّة أخرى: الأعراض من
مراتب وجود الجواهر 20، ................ .........
18- قوله قدّس سرّه: «لا
تجدّد لونه»
أي: لنفسه.
19- قوله قدّس سرّه:
«هذا بخلاف الجوهر فإنّ وجوده في نفسه هو لنفسه»
لا يخفى عليك: أنّ الجوهر
الّذي أثبت البرهان حركته إنّما هو الصورة النوعيّة، و هي كالعرض في كون وجودها في
نفسها لغيرها- كما صرّح قدّس سرّه بذلك في الفصل الثالث من المرحلة الثانية- لكن
لمّا كانت المادّة قوّة صرفة و هي محتاجة في وجودها و فعليّتها إلى الصورة، صحّ أن
يقال: إنّ الصورة موجودة لنفسها. و قد مرّ من المصنّف قدّس سرّه في الفصل السادس
عدّها ناعتة لنفسها. و هذا بخلاف العرض، فإنّه متقوّم بموضوعه ناعت له لا لنفسه.
و بما ذكرنا يظهر أنّ
المادّة متحرّكة بحركة الصورة، إذ هي فعليّتها، و هي- كما يصرّح به المصنّف قدّس
سرّه في الأمر الثالث- تابعة للصورة في جميع الأحكام.
20- قوله قدّس سرّه:
«الأعراض من مراتب وجود الجواهر»
يعني: أنّ ماهيّة العرض و
إن كانت مباينة لماهيّة الجوهر، حيث إنّ الماهيّات متباينة بتمام ذواتها؛ إلّا أنّ
وجوده كمال لوجود الجوهر، فهو داخل في هويّة الجوهر، موجود بعين وجوده، و ليس
ضميمة تزيد على وجوده، لأنّ وجوده للجوهر، و لا يتمّ ذلك إلّا بكونه كمالا له
داخلا في حدّ وجوده، و إلّا لكان كوجود الكتاب لزيد و الفرس لعمرو، في كونه ملكا
اعتباريّا تشريعيّا، لا ملكا حقيقيّا تكوينيّا.
و لهذا أنكر المصنّف قدّس
سرّه في الفصل الرابع من المرحلة الخامسة انقسام العرضيّ إلى