عرفت 5 أنّ الخروج من
القوّة إلى الفعل كيفما فرض لا يتمّ إلّا بحركة؛ غير أنّه لمّا كان تغيّرا دفعيّا،
كان من المعاني المنطبقة على أجزاء الحركة الآنيّة 6؛ كالوصول، و الترك، و
الاتّصال، و الانفصال. فالتغيّر كيفما فرض لا يتمّ إلّا بحركة.
ثمّ الحركة تعتبر تارة
بمعنى كون الشيء المتحرّك بين المبدء و المنتهى 7 بحيث كلّ حدّ
هذه الحركة يمكن أن تكون
سابقة عليه، كما يمكن أن تكون لاحقة له؛ فإنّ التغيّر الدفعيّ لحدوثه الزمانيّ
مسبوق بمادّة و قوّة، و قد مرّ في الفصل الثاني أنّ كل ما له قوّة فوجوده سيّال.
و لا ريب أنّ الانتقال من
السكون إلى الحركة تغيّر دفعيّ يتحقّق قبل الحركة، كما أنّ الانتقال من الحركة إلى
السكون تغيّر دفعيّ يتحقّق بعد الحركة.
5- قوله قدّس سرّه: «لما
عرفت»
في الفصل الثاني من هذه
المرحلة.
6- قوله قدّس سرّه: «كان
من المعاني المنطبقة على أجزاء الحركة الآنيّة»
لا يخفى عليك: أنّ التغيّر
الدفعيّ إنّما يتحقّق في الآن، و إذا كان الآن طرفا للزمان فالتغيّر الدفعيّ لا
يتحقّق إلّا حيث تنتهي الحركة و الزمان؛ فالترك تغيّر دفعيّ يحصل بالابتداء في
الحركة، و الوصول تغيّر دفعيّ يحصل بانتهاء الحركة. و أمّا الوصول و الترك اللذان
يتصوّران في وسط الحركة فليسا إلّا باعتبار الذهن حيث إنّه يقسّم الحركة إلى جزئين
بينهما آن يتحقّق فيه الوصول و الترك؛ و إلّا فلا آن خارجيّا بالفعل قبل انتهاء
الحركة، فلا تغيّر دفعيّ.
قوله قدّس سرّه: «على
أجزاء الحركة الآنيّة»
مراده قدّس سرّه من أجزاء
الحركة حدودها؛ لأنّ الحدّ- و هو الفصل المشترك الّذي يعتبر في الامور الممتدّة
بين جزئيها بحيث يمكن أن يكون بداية أو نهاية لكلّ منهما أو بداية لأحدهما و نهاية
للآخر، و لا ينقسم انقسام ذلك الأمر الممتدّ؛ إذ ليس له امتداد كامتداده- هو الّذي
لا يكون إلّا آنيّا. و أمّا أجزاء الحركة فهي زمانيّة كمثلها، لأنّ أجزاء كلّ أمر
ممتدّ واجدة لسنخ امتداده.
7- قوله قدّس سرّه: «ثمّ
الحركة تعتبر تارة بمعنى كون الشيء المتحرّك بين المبدء و المنتهى»
لمّا كانت التوسّطيّة و
القطعيّة معنيين للحركة- لا قسمين منها- كان الأولى ترك ذكرهما