قد عرفت 1 أنّ خروج
الشيء من القوّة إلى الفعل لا يخلو من تغيّر، إمّا في ذاته، أو في أحوال ذاته. و
إن شئت فقل: إمّا في ذاتيّه، كما في تحوّل نوع جوهريّ إلى نوع آخر جوهريّ، أو في
عرضيّه، كتغيّر الشيء في أحواله العرضيّة.
ثمّ التغيّر إمّا
تدريجيّ، و إمّا دفعيّ بخلافه. و التغيّر التدريجيّ- و لازمه إمكان الانقسام إلى
أجزاء لا قرار لها و لا اجتماع في الوجود 2- هو الحركة. و التغيّر الدفعيّ، بما
أنّه يحتاج إلى موضوع يقبل التغيّر و قوّة سابقة على حدوث التغيّر 3، لا يتحقّق
إلّا بحركة 4، لما
1- قوله قدّس سرّه: «قد
عرفت»
أي: في الفصلين الأوّلين
من هذه المرحلة.
2- قوله قدّس سرّه:
«لازمه إمكان الانقسام إلى أجزاء لا قرار لها و لا اجتماع في الوجود»
أتى قدّس سرّه بهذه الجملة
معترضة بين الموضوع و المحمول، للدلالة على علّة الحكم؛ فإنّ الدليل على أنّ
التغيّر التدريجيّ هو الحركة، هو: أنّ لازم التدريج إمكان الانقسام إلى أجزاء لا
قرار و لا اجتماع لها في الوجود، و هذا من خواصّ الحركة، كما مرّ في صدر الفصل
السابق.
3- قوله قدّس سرّه:
«أنّه يحتاج إلى موضوع يقبل التغيّر و قوّة سابقة على حدوث التغيّر»
لأنّه حادث زمانيّ، و كلّ
حادث زمانيّ مسبوق بمادّة و قوّة.