و أمّا قولهم: إنّ
العلّة الغائيّة علّة فاعليّة لفاعليّة الفاعل، فكلام لا يخلو عن مسامحة 34؛ لأنّ
الفواعل الطبيعيّة لا علم لها حتّى يحضرها غاياتها حضورا علميّا، يعطي الفاعليّة
للفاعل؛ و أمّا بحسب الوجود الخارجيّ فالغاية مترتّبة الوجود على وجود الفعل، و
الفعل متأخّر وجودا عن الفاعل بما هو فاعل، فمن المستحيل أن تكون الغاية علّة
لفاعليّة الفاعل.
و الفواعل العلميّة غير
الطبيعيّة 35 إمّا غايتها عين فعلها 36، و الفعل معلول لفاعله، و من المستحيل أن
يكون المعلول علّة لعلّته؛ و إمّا غايتها مترتّبة الوجود على فعلها، متأخّرة عنه،
و من المستحيل أن تكون علّة لفاعل الفعل المتقدّم عليه. و حضور الغاية حضورا
علميّا للفاعل قبل الفعل وجود ذهنيّ 37، هو أضعف من أن يكون علّة
34- قوله قدّس سرّه:
«فكلام لا يخلو عن مسامحة»
و المسامحة فيه من وجهين:
الأوّل: أنّه اطلق القول
بالنسبة إلى الفاعل مع أنّه إنّما يصحّ في الفواعل العلميّة.
الثاني: أنّه عدّت فيه
الغاية علّة فاعليّة لفاعليّة الفاعل مع أنّها شرط متمّم لفاعليّته، لا علّة فاعليّة
لفاعليّته.
35- قوله قدّس سرّه: «و
الفواعل العلميّة غير الطبيعيّة»
لا يخفى عليك: أنّ «غير
الطبيعيّة» قيد توضيحيّ، لما مرّ قبل أسطر من أنّ الفواعل الطبيعيّة لا علم لها.
36- قوله قدّس سرّه:
«إمّا غايتها عين فعلها»
قد مرّ أنّها في الحقيقة
عين الفاعل، و إن كان لا يحصل بذلك فرق فيما نحن بصدده هنا؛ لأنّها إذا كانت عين
الفاعل لم يمكن أن تكون علّة لفاعليّة الفاعل أيضا، فإنّ الشيء لا يكون علّة
لنفسه.
37- قوله قدّس سرّه:
«حضور الغاية حضورا علميّا للفاعل قبل الفعل وجود ذهنيّ»
لا يخفى عليك: أنّ حضور
الغاية للفاعل فيما إذا كان مفارقا بالكلّيّة، إنّما هو بعلمه الحضوريّ بها، و ليس
من الوجود الذهنيّ و العلم الحصوليّ في شيء. نعم! هذا العلم