الثاني: أنّ الأوّل مبتن
على النظر إلى وجود المعلول، و الثاني ناظر إلى ماهيّة المعلول.
الثالث: أنّ الأوّل مسوق
على ما تراه الحكمة المتعالية من أنّ المعلول وجود رابط، و الثاني مسوق على ما
يراه المشّاؤون من كون المعلول وجودا محتاجا إلى العلّة، سواء أ كان مستقلّا أم
رابطا.
الرابع: على الأوّل لا
فاعل غيره تعالى، و ما نسمّيه فاعلا لا تكون بالحقيقة إلّا معدّات، و على الثاني
يكون هناك فواعل غيره، و إن كانت فواعل مسخّرة. و إن شئت فقل: إنّه على الأوّل
ينحصر المفيض للوجود في وجوده تعالى، و أمّا على الثاني فغيره تعالى أيضا يكون
مفيضا معطيا للوجود بإذن اللّه.
الخامس: أنّه إن اطلق
الفاعل على غيره فعلى الأوّل إنّما هو بمعنى ما به الوجود- فإنّ غيره على هذا
الرأي إنّما يكون مجرى لفيضه تعالى- بينما هو على الثاني بمعنى ما منه الوجود.
السادس: المقصود من تقييد
المؤثّر في عنوان الفصل بقوله قدّس سرّه: «بحقيقة معنى الكلمة» على الأوّل إخراج
المعدّ، حيث إنّه ليس فاعلا بالحقيقة، بينما المراد منه على الثاني إخراج الفاعل
المسخّر. و بعبارة أخرى: هذا القيد على الأوّل لإفادة أنّ المراد بالمؤثّر هو
الفاعل المفيض، و على الثاني لإفادة أنّ المراد به هو الفاعل بالذات و بالأصالة.
السابع: على الأوّل يكون
الواجب تعالى فاعلا قريبا لكلّ معلول، بينما على الثاني هو فاعل قريب لمعلول واحد
فقط، و هو الصادر الأوّل.
الثامن: أنّه إذا قيل إنّ
الفواعل غيره تعالى في طول الواجب تعالى فالمراد به على الأوّل أنّها لكونها
معدّات و مجاري لفيضه تعالى لا تكون في عرضه، تعالى، لأنّ المعدّ ليس في رتبة
المفيض، بينما المراد بالطوليّة على الثاني أنّها فواعل مسخّرة هي و أفعالها فعل
للواجب تعالى.
التاسع: أنّ الطريقة
الاولى طريقة الموحّدين حقّا، إذ الأفعال كلّها حتّى أفعال الإنسان الاختياريّة
مخلوقة له تعالى؛ إذ هو تعالى فاعل قريب لها في بعده و بعيد في قربه. و أمّا
الطريقة الثانية فهي قريبة من طريقة المفوّضة؛ إذ عليه يوجد اللّه تعالى القدرة و
الإرادة في