لا ترتّب بينها 27، و هو
توقّف البعض على البعض وجودا، كعدد غير متناه من موجودات لا علّيّة و لا معلوليّة
بينها.
و الوجه في ذلك، أنّه
ليس هناك مع فقد شيء من الشرائط الثلاث، سلسلة 28 واحدة موجودة غير متناهية، حتّى
يجري فيها براهين الاستحالة.
تنبيه آخر: [استحالة
التسلسل في العلل كلها و في أجزاء الماهية]
مقتضى ما تقدّم من
البرهان 29 استحالة التسلسل في أقسام العلل كلّها، من العلل الفاعليّة و الغائيّة
و المادّيّة و الصوريّة- كما أنّ مقتضاها استحالته في العلل التامّة- لأنّ الملاك
في الاستحالة ذهاب التوقّف الوجوديّ إلى غير النهاية 30، و هو موجود في جميع أقسام
العلل.
و يتبيّن بذلك أيضا
استحالة التسلسل في أجزاء الماهيّة، كأن يكون مثلا للجنس جنس إلى غير النهاية، أو
للفصل فصل إلى غير النهاية، لأنّ الجنس و الفصل هما
27- قوله قدّس سرّه:
«كذا لو كانت موجودة بالفعل مجتمعة في الوجود، لكن لا ترتّب بينها»
و ذلك لعدم جريان شيء من
البراهين المذكورة فيها.
28- قوله قدّس سرّه:
«الوجه في ذلك» أنّه ليس هناك مع فقد شيء من الشرايط الثلاث، سلسلة»
فإنّه مع فقد الشرط الأوّل
و الثاني لا يتحقّق عدم التناهي، و مع فقد الشرط الثالث لا تتحقّق سلسلة تدلّ
البراهين على استحالتها، فإنّ البراهين إنّما تدلّ على استحالة المجموعة الغير
المتناهية التي بين أجزائها ربط و حاجة، و هي المسمّاة بالسلسلة.
29- قوله قدّس سرّه:
«مقتضي ما تقدّم من البرهان»
لا يخفى عليك: أنّ البرهان
الأوّل يختصّ بالعلّة الفاعليّة و العلّة التامّة؛ فإنّ المعلول إنّما هو عين
الربط بعلّته الفاعليّة، لأنّ المعلول من أنوار وجودها؛ و إنّما كان متقوّما
بالعلّة التامّة من جهة اشتمالها على العلّة الفاعليّة أو كونها نفس العلّة
الفاعليّة.
فقوله قدّس سرّه: «ما
تقدّم من البرهان» من قبيل القضيّة المهملة، و يراد به البرهانان الأخيران.
30- قوله قدّس سرّه:
«لأنّ الملاك في الاستحالة ذهاب التوقّف الوجوديّ إلى غير النهاية»
و التوقّف الوجوديّ يستلزم
الاجتماع في الوجود و فعليّته. فهو جامع للشرائط الثلاثة المذكورة في التنبيه
السابق.