كما تقدّم. 7 و إذا كانت
علّته معلولة لثالث و هكذا 8، كانت غير مستقلّة بالنسبة إلى ما فوقها. فلو ذهبت
السلسلة إلى غير النهاية، و لم تنته إلى علّة غير معلولة تكون مستقلّة غير رابطة،
لم يتحقّق شيء من أجزاء السلسلة، لاستحالة وجود الرابط إلّا مع مستقلّ.
برهان آخر، و هو المعروف
ببرهان الوسط و الطرف 9، أقامه الشيخ في الشفاء، حيث قال: «إذا فرضنا معلولا، و
فرضنا له علّة، و لعلّته علّة، فليس يمكن أن يكون لكلّ علّة علّة بغير نهاية؛ لأنّ
المعلول و علّته و علّة علّته إذا اعتبرت جملتها في القياس الّذي لبعضها إلى بعض،
كانت علّة العلّة علّة أولى مطلقة للآخرين- و كان للآخرين نسبة المعلوليّة إليها،
و إن اختلفا في أنّ أحدهما معلول بالواسطة، و الآخر معلول بلا واسطة- و لم يكونا
كذلك، لا الأخير و لا المتوسّط؛ لأنّ المتوسّط، الّذي هو العلّة المماسّة للمعلول،
علّة لشيء واحد فقط، و المعلول ليس علّة لشيء.
و لكلّ واحد من الثلاثة
خاصّيّة. فكانت خاصّيّة الطرف المعلول أنّه ليس علّة لشيء. و خاصّيّة الطرف الآخر
أنّه علّة للكلّ غيره. و خاصّيّة الوسط أنّه علّة لطرف و معلول لطرف، سواء كان
الوسط واحدا أو فوق واحد؛ و إن كان فوق واحد، فسواء ترتّب ترتّبا متناهيا أو غير
متناه؛ فإنّه إن ترتّب في كثرة متناهية، كانت جملة
7- قوله قدّس سرّه: «كما
تقدّم»
في الفصل الأوّل.
8- قوله قدّس سرّه: «إذا
كانت علّته معلولة لثالث و هكذا»
قوله قدّس سرّه: «هكذا»
معطوف على خبر «كانت»، أي: و إذا كانت علّته معلولة لثالث و رابطة بالنسبة إلى
علّته و لا تقوم إلّا بعلّته.
9- قوله قدّس سرّه: «هو
المعروف ببرهان الوسط و الطرف»
قال صدر المتألّهين قدّس
سرّه في الأسفار ج 2، ص 142 بعد حكاية هذا البرهان: و هذا أسدّ البراهين في هذا
الباب.