المخصّصة لصدوره عنها، و
إلّا كان كلّ شيء علّة لكلّ شيء، و كلّ شيء معلولا لكلّ شيء. فلو صدر عن
العلّة الواحدة- التي ليس لها في ذاتها إلّا جهة واحدة- معاليل كثيرة، بما هي
كثيرة متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة 5، تقرّرت في ذات العلّة جهات كثيرة متباينة
متدافعة، و قد فرضت بسيطة ذات جهة واحدة؛ هذا خلف. فالواحد لا يصدر عنه إلّا
الواحد؛ و هو المطلوب.
و قد اعترض عليه
بالمعارضة 6 أنّ لازمه عدم قدرة الواجب تعالى على إيجاد أكثر من واحد، و فيه تقييد
قدرته، و قد برهن على إطلاق قدرته و أنّها عين ذاته المتعالية.
و يردّه أنّه مستحيل
بالبرهان، و القدرة لا تتعلّق بالمحال، لأنّه بطلان محض لا
مع أنّه لا يكفي ذلك لصدور
أثر الرصاص من الحديد و بالعكس. نعم تستلزم السنخيّة وجدان العلّة كمال المعلول.
5- قوله قدّس سرّه: «بما
هي كثيرة متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة»
و هذا بخلاف ما إذا كانت
كثيرة بالعدد متّحدة في سنخ الوجود، فإنّها لا يمتنع صدورها عن علّة واحدة مسانخة
لها.
قوله قدّس سرّه: «بما هي
كثيرة متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة»
قد يتوهّم أنّ هذه الحجّة
إنّما تستقيم على القول بأصالة الماهيّة، أو القول بتباين الوجودات، و أمّا على
أصالة الوجود و تشكيكه فلا كثرة إلّا و ترجع إلى جهة واحدة هي الوجود، فلا تتمّ
الحجّة.
و فيه: أنّ التشكيك لا
ينفي وجود الاختلاف؛ بل أكثر من ذلك فإنّه يؤكّد الاختلاف، و أنّه عينيّ خارجيّ،
لأنّ ما به الاختلاف على التشكيك عين الوجود. و التشكيك هو اختلاف الوجودات في عين
كون جميعها موجودة. نظيره في الماهيّات أنّ زيدا و عمرا مختلفان في عين أنّ كليهما
إنسان.
6- قوله قدّس سرّه: «قد
اعترض عليه بالمعارضة»
المعارضة هو أن يقام حجّة
على الرأي المخالف المضادّ للمدّعى. و هنا أقيم البرهان على إطلاق قدرته تعالى،
فيثبت أنّه تعالى على كلّ شيء قدير. فينفى أنّ الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد.