فهذا الوجود المتوقّف
عليه نسمّيه علّة، و الشيء الّذي يتوقّف على العلّة معلولا له.
ثمّ إنّ مجعول العلّة و
الأثر الّذي تضعه في المعلول 7، هو إمّا وجود المعلول 8، أو
7- قوله قدّس سرّه: «إنّ
مجعول العلّة و الأثر الّذي تضعه في المعلول»
لا يخفى عليك: أنّه بعد ما
ثبت آنفا أنّ المتوقّف و المعلول هو الوجود، كما أنّ المتوقّف عليه و العلّة هو
الوجود، اتّضح أنّ المجعول هو الوجود، و لكنّه لمّا كان مبحث الجعل من المباحث
المعنونة في الكتب الفلسفيّة، و قد تضمّن الاستدلال عليه بما ذكره قدّس سرّه ردّا
على الأقوال الاخر مع زيادة إيضاح للقول الحقّ، عنونه و استأنف الاستدلال عليه.
و حاصل الكلام في مبحث
الجعل: أنّه بعد ما ثبت أنّ الماهيّة تحتاج إلى العلّة في وجودها، فإذا وجدت
ماهيّة، كالإنسان، بالعلّة، حتّى صدق قولنا «الإنسان موجود»، فهل الّذي أنشأته
العلّة هي ماهيّة الإنسان- بمعنى أنّ العلّة تجعل الماهيّة أمرا عينيّا منشأ
للآثار، و بذلك يضطرّ العقل إلى اعتبار مفهوم الوجود للحكاية عن هذه العينيّة- و
هذا القول هو الّذي يذهب إليه القائل بأصالة الماهيّة، أو هو الوجود كما يذهب إليه
القائل بأصالة الوجود، أو هو صيرورة الإنسان موجودا، أي نسبة الوجود إلى الإنسان؟
هذا.
و هنا قول آخر يقتضيه ما
ذهبنا إليه من عينيّة الوجود و الماهيّة كليهما، و هو أنّ المجعول هو الوجود و
الماهيّة كلاهما، بمعنى أنّ جعل الوجود عين جعل الماهيّة، و جعل الماهيّة عين جعل
الوجود.
قوله قدّس سرّه: «و الأثر
الّذي تضعه في المعلول»
لا يخفي: أنّ مجعول العلّة
هو نفس المعلول، و ليس أثرا في المعلول؛ لكنّ العقل يحلّل المجعول إلى شيء أثّرت
فيه العلّة، فيصحّ عند ذلك أن يعبّر عن المجعول بالأثر الّذي تضعه العلّة في
المعلول.
و نظير الكلام يجري في
قوله قدّس سرّه: «و الّذي يستفيده المعلول من علّته» انتهى.
8- قوله قدّس سرّه: «هو
إمّا وجود المعلول»
حيث إنّ جعل العلّة يوجب
أن يصدق قولنا: الماهيّة صارت موجودة، بينما كان كاذبا قبله. فالمجعول إمّا
الماهيّة، أو الصيرورة، أو الوجود. ذهب الإشراقيّون إلى الأوّل، و متأخّروا
المشّائين إلى الثاني، و المحقّقون من المشّائين و صدر المتألّهين قدّس سرّه و
أتباعه إلى الثالث.