أنّ كلّ فعليّة و تحصّل
تعرض المادّة فإنّما هي بفعليّة الصورة، لما أنّ تحصّلها بتحصّل الصورة.
و أنّ الصورة شريكة
العلّة للمادّة.
و أنّ الصورة متقدّمة
على المادّة وجودا، و إن كانت المادّة متقدّمة عليها زمانا. 18 و أمّا أنّ الصورة
الجسميّة لا تتعرّى عن المادّة، فلأنّ الجسم أيّامّا كان لا يخلو عن عوارض مفارقة
تتوارد عليه 19، من أقسام الحركات، و الكمّ، و الكيف، و الأين،
18- قوله قدّس سرّه: «و
إن كانت المادّة متقدّمة عليها زمانا»
لا يخفى عليك: أنّه لا
يعقل تقدّم المادّة زمانا على الصورة، بعد ما كانت المادّة معلولة للصورة متأخّرة
عنها وجودا. و لكنّ المصنّف قدّس سرّه معتقد بهذا التقدّم، و لذا حكم بحدوث الجسم
زمانا- كما مرّ في الفصل السابق- مع أنّه قائل بقدم المادّة زمانا، كما سيأتي في
الفصل الأوّل من المرحلة التاسعة.
نعم! المادّة متقدّمة
زمانا على كلّ حادث زمانيّ- على ما سيأتي في الفصل الأوّل من المرحلة التاسعة- و
لكنّ الصورة الجسميّة و الصورة أو الصور النوعيّة الاولى ليست من الحادث الزمانيّ
في شيء، فإنّ الصورة الجسميّة و الصورة أو الصور النوعيّة الاولى موجودة مع
المادّة في بدء وجودها معيّة زمانيّة؛ و إلّا، لم تتحقّق المادّة التي هي قوّة
محضة، و سيأتي في الفصل اللاحق عدم جواز خلوّ الجسم من الصورة النوعيّة.
19- قوله قدّس سرّه:
«فلأنّ الجسم أيّا مّا كان لا يخلو عن عوارض مفارقة تتوارد عليه»
لا يخفى عليك، أوّلا: أنّه
استمداد من برهان القوّة و الفعل، الذي استدلّ به على إثبات المادّة.
و ثانيا: أنّه لم يعبّر
بالصورة الجسميّة، مع أنّ الكلام إنّما هو فيها، و عبّر بالجسم، من أجل أنّ الصورة
هي التي بها فعليّة المادّة، فما لم يثبت عدم تعرّي الجسم عن المادّة، لم يتّجه
التعبير بالصورة. و هذا بخلاف الجسم الذي لا ريب في وجوده.