و الذي يجده الحسّ من
هذا الجوهر الممتدّ في جهاته الثلاث، يجده متّصلا واحدا، يقبل القسمة إلى أجزاء
بالفعل؛ لا مجموعا من أجزاء بالفعل، ذوات فواصل.
هذا بحسب الحسّ؛ و أمّا
بحسب الحقيقة، فاختلفوا فيه على أقوال:
أحدها: أنّه مركّب من
أجزاء ذوات أوضاع، لا تتجزّى و لا تنقسم أصلا 4، لا خارجا، و لا و هما، و لا عقلا،
و هي متناهية؛ و هو مذهب جمهور المتكلّمين.
الثاني: أنّه مركّب كما
في القول الأوّل، غير أنّ الأجزاء غير متناهية؛ و نسب إلى النظّام. 5
4- قوله قدّس سرّه:
«أجزاء ذوات أوضاع لا تتجزّى و لا تنقسم أصلا»
يسمّون كلّا منها «الجوهر
الفرد»
قوله قدّس سرّه: «أجزاء
ذوات أوضاع لا تتجزّى و لا تنقسم أصلا»
و تمرّ الآلة القطّاعة من
مواضع الفصل بينها.
قوله قدّس سرّه: «ذوات
أوضاع»
أي: تقبل الإشارة
الحسّيّة، فإنّ الوضع هنا بمعنى قبول الإشارة الحسّيّة، كما يلوح من قوله قدّس
سرّه عند بيان ضعف هذا القول: «تقبل الإشارة الحسّيّة».
5- قوله قدّس سرّه: «نسب
إلى النظّام»
النظّام كشدّاد. هو أبو
إسحاق إبراهيم بن سيّار البصريّ ابن اخت أبي الهذيل العلّاف شيخ المعتزله. ينسب
إليه النظّاميّة من فرق المعتزلة. كان بالبصرة، و هو من المعاصرين لهارون الرشيد،
و قد طلبه منها إلى بغداد لأجل المناظرة مع الجارية المسمّاة بالحسنيّة، التي قد
ربّيت في بيت مولانا الصادق صلوات اللّه و سلامه عليه. فناظرته في مجلس الرشيد و
وزيره يحيى بن خالد البرمكيّ فغلبته؛ و قد كان سألها النظّام عن ثمانين مسألة
فأجابت عنها. ثمّ سألته عن مسائل فلم يقدر على جوابها. إيّاه عنى أبو نواس بقوله:
فقل لمن يدّعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا و غابت عنك أشياء
من آراءه أنّ الإجماع ليس
بحجّة و كذا القياس؛ و أنّ الحجّة قول المعصوم؛ و أنّه نصّ النبيّ