لا ريب في وجود الجسم،
بمعنى الجوهر الذي يمكن أن يفرض فيه ثلاثة خطوط متقاطعة على زوايا قوائم، و إن لم
تكن موجودة فيه بالفعل، كما في الكرة و الاسطوانة.
فحواسّنا، التي تنتهي
إليها علومنا 1، و إن لم يكن فيها ما ينال الموجود الجوهريّ، و إنّما تدرك أحوال
الأجسام و أوصافها العرضيّة 2، لكنّ أنواع التجربات تهدينا هداية قاطعة إلى أنّ ما
بين السطوح و النهايات من الأجسام مملوءة في الجملة 3، غير
1- قوله قدّس سرّه:
«فحواسّنا، التي تنتهي إليها علومنا»
أي: فإنّ حواسّنا، فالفاء
للسببيّة.
قوله قدّس سرّه: «التي
تنتهي إليها علومنا»
أي: علومنا التصوّريّة
التي تنطبق على المحسوسات بوجه، كما صرّح قدّس سرّه بذلك في المقالة الخامسة من
كتاب اصول فلسفه؛ و إلّا فالتصديقات لا تنتهي إلى الحواسّ، و حتّى المحسوسات و
التجربيّات منها مبتنية على معارف عقليّة غير محسوسة، و التصوّرات أيضا منها ما لا
تنتهي إلى الحواسّ.
لا يخفى: أنّها لا تدرك
جميع أحوال الأجسام؛ فإنّ جميع الأعراض غير الكيف النفسانيّ من أحوال الأجسام، و
لا يدرك الحسّ من جميعها إلّا قسما من الكيف، و هو الكيف المحسوس.