متساوية النسبة في نفسها
إلى الوجود و العدم؛ و لو كان الوجود عينها أو جزء لها لما صحّ شيء من ذلك.
و المغايرة، كما عرفت
عقليّة 78 فلا تنافي اتّحاد الماهيّة و الوجود خارجا و ذهنا 79، فليس هناك إلّا
حقيقة واحدة هي الوجود، لمكان أصالته و اعتباريّتها فالماهيّات المختلفة 80 يختلف
بها الوجود نحوا من الاختلاف 81، من غير أن يزيد على الوجود شيء. و هذا معنى
قولهم «إنّ
بديهيّا، لكونه من
المشاهدات أو المجرّبات أو المتواترات أو الحدسيّات أو الفطريّات، و ما كان نظريّا
يحتاج إلى قياس يكتسب.
فإنّ التصديق في جميع ذلك
مستند إلى القياس، غاية الأمر أنّه في البديهيّات المذكورة حاضر مرتكز في الذهن، و
في النظريّات محتاج إلى الكسب.
فحاصل مرامه قدّس سرّه أنّ
اتّصاف الماهيّة بالوجود يحتاج إلى شيء وراء نفس القضيّة. و لو كان الوجود عين
الماهيّة أو جزئها كان ثبوته لها من الأوّليّات التي لا تحتاج إلى شيء خارج عنها
يدلّ عليها، لأنّ ثبوت ذات الشيء و ذاتيّاته له من الأوّليّات و لا تحتاج إلى
أزيد من تصوّر القضيّة.
78- قوله قدّس سرّه: «و
المغايرة كما عرفت عقليّة»
أي: إنّما هي في تحليل
العقل، حيث يجرّد الماهيّة عن الوجود، فيعقلها وحدها من دون نظر إلى وجودها.
79- قوله قدّس سرّه: «فلا
تنافي اتّحاد الماهيّة و الوجود خارجا و ذهنا»
المراد من اتّحاد الماهيّة
و الوجود ذهنا، هو ما مرّ في الفرع الأوّل، من أنّ الماهيّة و إن كان يسلب عنها
الوجود، و لكن مع ذلك تكون موجودة في الذهن. فهي متّحدة بالوجود الذهنيّ، و إن كان
مفهومها غير الوجود. و ليس المراد اتّحاد الماهيّة و الوجود مفهوما، فإنّه ينافي
مغايرتهما و زيادة الوجود على الماهيّة.
80- قوله قدّس سرّه:
«فالماهيّات المختلفة»
سواء كان اختلافها اختلافا
فرديّا، كما هيتي زيد و عمرو، أو نوعيّا، كما هيتي الإنسان و الفرس.
81- قوله قدّس سرّه:
«يختلف بها الوجود نحوا من الاختلاف»
و هو الاختلاف الاعتباريّ
العقليّ، و سيصرّح قدّس سرّه في صدر الفصل الآتي؛ بأنّ الكثرة الماهويّة تتّصف بها
الوجود بعرض الماهيّة، فاختلاف الوجود باختلاف الماهيّات اختلاف مجازيّ و بالعرض.
كما سيصرّح قدّس سرّه بذلك في آخر الفصل الثالث، و مثله في الفصل السادس من
المرحلة