غيرُ أنّه من الإسناد إلى السبب البعيد
، والسبب القريب الذي يستند إليه التشخّص هو نفس وجود الشيء ، إذ الوجود العينيّ
للشيء بما هو وجودٌ عينيٌّ يمتنع وقوعُ الشركة فيه ، فهو المتشخّص بذاته ، والماهيّة
متشخّصة به ، وللفاعل أو الموضوع دخلٌ في التشخّص من جهة أنّهما من علَلِ الوجود ،
لكنّ أقرب الأسباب هو وجود نفس الشيء ، كما عرفت.
وثالثاً : أنّ جزئيّة المعلوم المحسوس
ليست من قِبَل نفسه بما أنّه مفهومٌ ذهنيٌّ ، بل من قِبَل الإتّصال الحسّي بالخارج
وعلْمِ الإنسان بأنّه نوعُ تأثُّر له من العين الخارجيّ ، وكذا جزئيّة الصورة
الخياليّة من قِبَل الإتّصال بالحسّ ، كما إذا أحضر صورةً خياليّةً مخزونةً عنده
من جهة الحسّ أو ركّب ممّا عنده من الصور الحسّيّة المخزونة صورةَ فرد خياليٍّ ، فافهم.
الفصل الرابع
في الذّاتيّ والعرضيّ
المفاهيم المعتبرة في الماهيّات ـ وهي
التي تؤخذ في حدودِها وترتفع الماهيّات بارتفاعها ـ تُسمّى : «ذاتيّات».
وما سوى ذلك ممّا يحمل عليها ـ وهي
خارجةٌ من الحدود كالكاتب من الإنسان والماشي من الحيوان ـ تُسمّى «عَرضيّات».
والعَرّضيّ قسمان ، فإنّه إن توقّف
انتزاعُهُ وحملُهُ على انضمام ، كتوقُّفِ انتزاعِ الحارّ وحملِهِ على الجسم على
انضمام الحرارة إليه ، سُمِّيَ : «محمولا بالضميمة» ؛ وإن لم يتوقّف على انضمام
شيء إلى الموضوع ، سُمِّيَ : «الخارجَ المحمول» كالعالي والسافل.
هذا هو المشهور ، وقد تقدّم [١] أنّ العرض من مراتب وجود الجوهر.
[١] في الفصل الثالث
من المرحلة الثانية ، حيث قال : «ويتبيّن بما مرّ أنّ وجود الأعراض من شؤون وجود
الجواهر التي هي موضوعاتها».