فمن سخيف القول ما قال بعضهم [١] : «إنّ الوجود مشتركٌ لفظيّ ، وهو في
كلّ ماهيّة يُحمل عليها بمعنى تلك الماهيّة».
ويرُدُّه لزومُ سقوط الفائدة في
الهليّات البسيطة مطلقاً [٢]
، كقولنا : «الواجب موجود» و «الممكن موجود» و «الجوهر موجود» ، و «العرض موجود».
على أنّ من الجائز أن يتردّد بين وجود
الشيء وعدمه مع العلم بماهيّته ومعناه [٣]
، كقولنا : «هل الإتّفاق موجودٌ أو لا؟».
وكذا التردّد في ماهيّة الشيء مع الجزم
بوجوده ، كقولنا : «هل النفس الإنسانيّة الموجودة جوهرٌ أو عرضٌ؟» والتردّد في أحد
شيئين مع الجزم بالآخر يقضي بمغايرتهما.
ونظيره في السخافة ما نُسِبَ إلى بعضهم [٤] : «أنّ مفهوم الوجود مشتركٌ لفظيٌّ
بينَ الواجب والممكن».
ج ١ ص ٣٥. واعترف
كثيرٌ من المحقّقين بأنّ كون مفهوم الوجود مشتركاً بين الماهيات بديهيٌّ ، ثمّ
استدلّوا عليه تنبيهاً ، فراجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٨ ـ ٢٢ ، وشرح المقاصد ج
١ ص ٦١ ـ ٦٢ ، وشرح المواقف ص ٩٠ ـ ٩٢ ، وقواعد المرام ص ٣٩ ، وكشف المراد ص ٢٤.
[١] وهو أبو الحسن
الأشعريّ وأبو الحسين البصريّ على ما في شرح المواقف ص ٩٢ ، وشرح المنظومة ص ١٦ ، وشرح
المقاصد ج ١ ص ٦١ ، وإرشاد الطالبين ص ٢٠.
[٢] والوجه في
سقوطها ما قال الرّازيّ في المباحث المشرقية ج ١ ص ٢٣ ، إليك نصّ عبارته : «لكان
قول القائل : (الجوهر موجودٌ) مثل قوله : (الجوهر جوهرٌ) وبالجملة لا يكون الحمل
والوضع هاهنا إلاّ في اللفظ ، ولمّا لم يكن كذلك علمنا إنّ الوجود مغايرٌ
للجوهريّة» ـ إنتهى كلامه. وقس عليه أمثلة اُخرى.
[٣] كذا في المباحث
المشرقيّة ج ١ ص ٢٥ حيث قال : «إنّه يصحّ منّا أن نعقل الماهية ونشكّ في وجودها ، والمشكوك
ليس نفس المعلوم ولا داخلا فيه» ـ إنتهى كلامه.
[٤] وهو الكشّي
وأتباعه على ما في شرح المواقف ص ٩٢ حيث قال : «وهاهنا مذهبٌ ثالث نُقِلَ عن
الكشّي وأتباعه ، وهو : أنّ الوجود مشترك لفظاً بين الواجب والممكن ، ومشتركٌ
معنىً بين الممكنات كلّها. وهذا لسخافته لم يلتفت المصنّف إليه».