شائعٌ بناءً على
التركيب الإتّحاديّ بين المادّة والصورة [١].
نعم ، لمّا كانت الصورة تمام ماهيّة
النوع كما عرّفوها بأنّها ما به الشيء هو هو بالفعل ، كانت فصول الجواهر جواهر ، لأنّها
عينُ حقيقةِ النوع وفعليّتِهِ ، لكن لا يستوجب ذلك دخولَها تحتَ جنسِ الجوهر بحيث
يكون الجوهر مأخوذاً في حدّها بينه وبينها حملٌ أوّليٌّ.
فتبيّن بما تقدّم ، أنّ الفصول بما أنّها
فصولٌ بسائطُ غيرُ مركّبة من الجنس والفصل ، ممحّضةٌ في أنّها مميِّيزات ذاتيّة ، وكذلك
الصور المادّيّة التي هي في ذاتها مادّيةٌ موجودةٌ للمادّة بسائطُ في الخارج غيرُ
مركّبة من المادّة والصورة ، وبسائطُ في العقل غيرُ مركّبة من الجنس والفصل؛ وإلاّ
كانت الواحدة منها أنواعاً متسلسلةً كما تقدّمت الإشارة إليها [٢].
وأمّا النفس المجرّدة فهي باعتبار أنّها
فصلٌ للنوع حيثيّتُها حيثيّةَ الوجود الناعتيّ وقد عرفت [٣] أنّ لا ماهيّة للوجود الناعتي ، وأمّا
من حيث تجرُّدها في ذاتها فإنّ تجرّدَها مصحّحٌ وجودَها لنفسها ، كما أنّها
موجودةٌ في نفسها ، وهي تمام حقيقة النوع ، فيصدق عليه الجوهر ، فتكون هي النوع
الجوهريّ الذي كانت جزءاً صوريّاً له ، وليست بصورة ، ولا ينافيه كون وجودها
للمادّة أيضاً ، فإنّ هذا التعلّق إنّما هو في مقام الفعل دون الذات ، فهي ماديّة
في فعلها لا في ذاتها.
هذا على القول بكون النفس المجرّدة
روحانيّةَ الحدوث والبقاء كماعليه المشّاؤون [٤].
وأمّا على القول بكونها جسمانيّةَ الحدوث روحانيّةَ
[١] والقول بكون التركيب
إتحاديّاً قولُ السيّد السند (صدر الدين الشيرازيّ) وصدر المتألّهين. قال الحكيم
السبزواريّ في شرح المنظومة ص ١٠٥ : «إنّ بقول السيّد السناد ، أي القويّ ، وهو
صدر الدين الشيرازيّ المشهور بالسيّد السند ، وقد تبعه في ذلك صدر المتألّهين ، تركيبُ
أجزاء عينيّة اتّحاديّ». ثمّ قال : «لكنّ قول الحكماء العظام من قبله التركيب
الإنضماميّ». وراجع الأسفار ج ٥ ص ٢٨٢.