إلى الغير ، إلا
الإمكان فلا إمكان بالغير ، والمراد بما بالذات ، أن يكون وضع الذات كافيا في
تحققه ، وإن قطع النظر عن كل ما سواه ، وبما بالغير ما يتعلق بالغير ، وبما
بالقياس إلى الغير ، أنه إذا قيس إلى الغير كان من الواجب أن يتصف به.
فالوجوب بالذات كما في الواجب الوجود
تعالى ، فإن ذاته بذاته يكفي في ضرورة الوجود له ، من غير حاجة إلى شيء غيره.
والوجوب بالغير كما في الممكن ، الموجود
الواجب وجوده بعلته.
والوجوب بالقياس إلى الغير ، كما في
وجود أحد المتضائفين إذا قيس إلى وجود الآخر ، فإن وجود العلو إذا قيس إليه وجود
السفل ، يأبى إلا أن يكون للسفل وجود ، فلوجود السفل وجوب بالقياس إلى وجود العلو
، وراء وجوبه بعلته.
والامتناع بالذات كما في المحالات
الذاتية ، كشريك الباري واجتماع النقيضين والامتناع بالغير ، كما في وجود المعلول
الممتنع لعدم علته ، وعدمه الممتنع لوجود علته ، والامتناع بالقياس إلى الغير ، كما
في وجود أحد المتضائفين إذا قيس إلى عدم الآخر ، وفي عدمه إذا قيس إلى وجود الآخر.
والإمكان بالذات كما في الماهيات
الإمكانية ، فإنها في ذاتها لا تقتضي ضرورة الوجود ولا ضرورة العدم ، والإمكان
بالقياس إلى الغير ، كما في الواجبين بالذات المفروضين ، ففرض وجود أحدهما لا يأبى
وجود الآخر ولا عدمه ، إذ ليس بينهما علية ومعلولية ، ولا هما معلولا علة ثالثة.
وأما الإمكان بالغير فمستحيل ، لأنا إذا
فرضنا ممكنا بالغير ، فهو في ذاته إما واجب بالذات ، أو ممتنع بالذات أو ممكن
بالذات ، إذ المواد منحصرة في الثلاث ، والأولان يوجبان الانقلاب ، والثالث يوجب
كون اعتبار الإمكان بالغير لغوا.