واجب الوجود ماهيته إنيته ، بمعنى أن لا
ماهية له وراء وجوده الخاص به ، وذلك أنه لو كانت له ماهية ، وذات وراء وجوده
الخاص به ، لكان وجوده زائدا على ذاته عرضيا له ، وكل عرضي معلل بالضرورة فوجوده
معلل.
وعلته إما ماهيته أو غيرها ، فإن كانت
علته ماهيته ، والعلة متقدمة على معلولها بالوجود بالضرورة ، كانت الماهية متقدمة
عليه بالوجود ، وتقدمها عليه إما بهذا الوجود ، ولازمه تقدم الشيء على نفسه وهو
محال ، وإما بوجود آخر وننقل الكلام إليه ويتسلسل ، وإن كانت علته غير ماهيته ، فيكون
معلولا لغيره وذلك ينافي وجوب الوجود بالذات ، وقد تبين بذلك ، أن الوجوب بذاته
وصف منتزع من حاق وجود الواجب ، كاشف عن كون وجوده بحتا ، في غاية الشدة غير مشتمل
على جهة عدمية ، إذ لو اشتمل على شيء من الأعدام ، حرم الكمال الوجودي الذي في
مقابله ، فكانت ذاته مقيدة بعدمه ، فلم يكن واجبا بالذات صرفا له كل كمال.
الفصل الرابع
واجب الوجود
بالذات واجب الوجود من جميع الجهات
إذ لو كان غير واجب بالنسبة إلى شيء من
الكمالات ، التي تمكن له بالإمكان العام ، كان ذا جهة إمكانية بالنسبة إليه ، فكان
خاليا في ذاته عنه ، متساوية نسبته إلى وجوده وعدمه ، ومعناه تقيد ذاته بجهة عدمية
، وقد