، قد استشكل على وجود الماهيات في الذهن
، بمعنى حصولها بأنفسها فيه إشكالات ، الإشكال الأول ، أن القول بحصول الماهيات
بأنفسها في الذهن ، يستلزم كون الشيء الواحد جوهرا وعرضا معا وهو محال ، بيان
الملازمة أن الجوهر المعقول في الذهن جوهر ، بناء على انحفاظ الذاتيات ، وهو بعينه
عرض لقيامه بالنفس قيام العرض بمعروضه ، وأما بطلان اللازم ، فللزوم كونه قائما
بالموضوع وغير قائم به.
الإشكال الثاني ، أن الماهية الذهنية
مندرجة تحت مقولة الكيف ، بناء على ما ذهبوا إليه ، من كون الصور العلمية كيفيات
نفسانية ، ثم إنا إذا تصورنا جوهرا ، كان مندرجا تحت مقولة الجوهر لانحفاظ
الذاتيات ، وتحت مقولة الكيف كما تقدم ، والمقولات متباينة بتمام الذوات فيلزم
التناقض في الذات ، وكذا إذا تصورنا مقولة أخرى غير الجوهر ، كانت الماهية
المتصورة مندرجة تحت مقولتين ، وكذا لو تصورنا كيفا محسوسا ، كان مندرجا تحت الكيف
المحسوس والكيف النفساني ، وهو اندراج شيء واحد تحت نوعين متباينين من مقولة ، واستحالته
ضرورية.
قالوا وهذا الإشكال أصعب من الأول ، إذ
لا كثير إشكال في كون شيء واحد جوهرا وعرضا ، لأن التباين الذاتي الذي بين
المقولات ، إنما هو بين الجوهر والكيف والكم وغيرها ، وأما مفهوم العرض بمعنى
القائم
[١] وهو عرض لا يقبل
قسمة ولا نسبة لذاته. ـ منه (رحمه الله) ـ.
[٢] إذ لو لم تكن متباينة بتمام الذات ، كانت مشتركة في بعض الذات
، فكان لها جنس فوقها والمفروض أنها أجناس عالية ليس فوقها جنس ، هذا خلف ، فهي
بسائط متباينة بتمام الذات. ـ منه (رحمه الله) ـ.