حجة أخرى لو جازت الإعادة لم يكن عدد
العود ، بالغا معينا يقف عليه ، إذ لا فرق بين العودة الأولى والثانية ، وهكذا إلى
ما لا نهاية له ، كما لم يكن فرق بين المعاد والمبتدإ ، وتعين العدد من لوازم وجود
الشيء المتشخص.
احتج المجوزون بأنه لو امتنعت إعادة
المعدوم ، لكان ذلك إما لماهيته وإما للازم ماهيته ، ولو كان كذلك لم يوجد ابتداء
وهو ظاهر ، وإما لعارض مفارق فيزول الامتناع بزواله.
ورد بأن الامتناع لأمر لازم ، لكن
لوجوده وهويته لا لماهيته ، كما هو ظاهر من الحجج المتقدمة.
وعمدة ما دعاهم إلى القول بجواز الإعادة
، زعمهم أن المعاد وهو مما نطقت به الشرائع الحقة ، من قبيل إعادة المعدوم.
ويرده أن الموت نوع استكمال لا انعدام وزوال.
[١] ولا مرجح لبعض
تلك الأعداد ، فالحاصل حينئذ : أن التعين ، أي التشخص ، مما لا بد منه في الوجود ،
لأن الشئ ما لم يتشخص لم يوجد ، مع أنه لا مرجح لتعين عدد خاص منها.
[٢] فإن قيل : هذا إنما يتم لو كان الموت استكمالا للروح والبدن
جميعا وهو غير مسلم ، وأما لو كان استكمالا للروح فقط ، فالإشكال على حاله ، لأن
إعادة البدن حينئذ من إعادة المعدوم.
قيل : شخصية الانسان بنفسه ،
دون بدنه المتغير دائما ، فالإنسان العائد في المعاد بالنفس والبدن عين الانسان
الذي كان في الدنيا ، سواء كان الموت استكمالا للروح فقط ، وكان البدن العائد معها
بايجاد جديد ، أو كان الموت استكمالا للروح والبدن ، وكان البدن العائد مع الروح
هو البدن الدنيوي المستكمل ، فالإنسان بنفسه وبدنه هو الذي كان في الدنيا بعينه *.
ـ منه (رحمه الله) ـ.