صارت المعتزلة إلى أن
الباري تعالى حي عالم قادر لذاته لا بعلم، و قدرة و حياة و اختلفوا في كونه سميعا
بصيرا مريدا متكلما على طرق مختلفة كما سنوردها مسائل أفراد إن شاء اللّه، و أبو
الهذيل العلاف[1] انتهج مناهج الفلاسفة فقال الباري
تعالى عالم بعلم هو نفسه و لكن لا يقال نفسه علم كما قالت الفلاسفة عاقل و عقل و
معقول[2].
ثم اختلفت المعتزلة في أن
أحكام الذات هل هي أحوال الذات أم وجوه و اعتبارات فقال أكثرهم: هي أسماء و أحكام
للذات و ليست أحوال و صفات كما في الشاهد من صفات الذاتية للجوهر و الصفات التابعة
للحدوث.
و قال أبو هاشم: هي أحوال
ثابتة للذات و أثبت حالة أخرى توجب هذه الأحوال.
و قالت الصفاتية من
الأشعرية و السلف: إن الباري تعالى عالم بعلم قادر بقدرة حي بحياة سميع بسمع بصير
ببصر مريد بإرادة متكلم بكلام باق ببقاء و هذه الصفات زائدة على ذاته سبحانه و هي
صفات موجودة أزلية و معان قائمة بذاته.
و حقيقة الإلهية هي: أن
تكون ذات أزلية موصوفة بتلك الصفات و زاد بعض السلف قديم بقدم كريم بكرم جواد بجود
إلى أن عد عبد اللّه بن سعيد الكلابي خمس عشرة صفة على غير فرق بين صفات الذات و
صفات الأفعال.
قالت الفلاسفة: واجب
الوجود بذاته لن يتصور إلا واحدا من كل وجه فلا صفة و لا حال و لا اعتبار و لا حيث
و لا وجه لذات واجب الوجود بحيث يكون أحد الوجهين و الاعتبارين غير الآخر أو يدل
لفظ على شيء هو غير الآخر بذاته، و لا يجوز أن يكون نوع واجب الوجود لغير ذاته
لأن وجود نوعه له لعينه و لا يشاركه شيء ما صفة كانت أو موصوفا في وجوب الوجود و
الأزلية، و لا ينقسم هو و لا يتكثر لا بالكم و لا بالمبادئ المقومة و لا بأجزاء
الحقيقة و الحد تعم له صفات سلبية
[1] هو أبو الهذيل بن
مكحول العلاف مولى عبد القيس، بصري أحد رؤساء المعتزلة و متقدميهم، الفصل لابن حزم
(4/ 146).
[2] انظر: الفرق بين
الفرق للبغدادي (ص 323)، و مقالات الإسلاميين للأشعري (ص 174، 496)، و الفصل في
الملل و النحل لابن حزم (2/ 99)، و التمهيد للباقلاني (239، 240).