هؤلاء اتباع ابي معاذ
الثّومني الذي قال ان الايمان ما عصم من الكفر، و هو اسم لخصال اذا تركها التارك
او ترك خصلة منها كفر، و مجموع تلك الخصال التي تكفر بترك واحدة منها ايمان، و لا
يقال للخصلة منها انها ايمان، و لا بعض ايمان.- و زعم ان تارك الفريضة التي ليست بايمان
يقال له فسق، و لا يقال له فاسق على الاطلاق، اذا لم يتركها جاحدا لها.- ففارق
اليونسية و الغسانية و الثوبانية في هذا لان هؤلاء سموه فاسقا[1].-/ و زعم ابو معاذ ان من لطم نبيا او
قتله كفر، لا من اجل لطمه و قتله، و لكن من اجل عداوته و بغضه له و استخفافه به و
بحقه.
ذكر المريسية منهم
هؤلاء اتباع بشر بن غياث
المريسي[2]، عارفا في المذهب، في الفقه على رأي
ابي يوسف. غير انه لما اظهر بدعته في خلق القرآن اكفرته الصفاتية. و لما اظهر
موافقة الصفاتية في ان اللّه عز و جل خلق اعمال العباد، و في ان الاستطاعة مع الفعل
اكفرته المعتزلة في ذلك.- و قال في الايمان بقول ابن الراوندي، و هو انه التصديق
بالقلب و اللسان، و ان الكفر هو الجحد و الانكار.- و زعم ان السجود للصنم ليس بكفر
لكنه دلالة على الكفر.- فهذه فرق المرجئة المكفرة بعضها البعض.
[1] هذا الفرق بين
الثومنية و باقي فرق المرجئة غير وارد في كتاب «الفرق».
[2] هو بشر بن غياث
المريسي، مبتدع ضال، تفقه اوّل امره على قاضي القضاة ابي يوسف صاحب ابي حنيفة، و
أتقن علم الكلام، ثم جرد القول بخلق القرآن، و ناظر عليه، و لم يدرك الجهم بن
صفوان و لكنه اخذ مقالته، و احتج لها. و دعا إليها، و اخذ في ايام دولة الرشيد، و
أوذى لأجل مقالته، و حدث البويطي قال: سمعت الشافعي يقول: ناظرت المريسي في
القرعة، فذكرت له فيها حديث عمران بن حصين، فقال: هذا قمار، فأتيت أبا البختري
القاضي فحكيت له ذلك، فقال: يا أبا عبد اللّه، شاهد آخر و أصلبه. و مات بشر في سنة
218 ه و هو من ابناء السبعين ( «ميزان الاعتدال» للذهبي رقم 1214، ابن خلكان،
الترجمة رقم 112، تاريخ بغداد 7/ 56).