هؤلاء اتباع بشر بن
المعتمر[1]. و قد كفره سائر المعتزلة/ بامور، و
اكفره اصحابنا بامور سواها. فما اكفرته المعتزلة في قوله بان اللّه تعالى قادر على
لطف لو فعله بالكافر لآمن طوعا. و اكفروه بقوله ان اللّه لو خلق العقلاء ابتداء في
الجنة و النعيم و تفضّل بذلك عليهم لكان ذلك اصلح لهم. و اكفروه في قوله ان اللّه
لو علم من عبده انه لو ابقاه لآمن، لكان ابقاؤه اياه اصلح له من ان يميته كافرا. و
اكفروه في قوله ان اللّه لم يزل مريدا، و في قوله ان اللّه اذا علم حدوث الشيء و
لم يمنع منه، فهو مريد لحدوثه.
و هذه المسائل الخمس التي
اكفره فيها البصريون فان الحق فيها عندنا مع بشر، و المكفر فيها له فهو الكافر
دونه[2].
و نحن نكفر بشرا في امور
منها قوله ان اللّه تعالى ما اولى مؤمنا في حال ايمانه و لا عادى كافرا في حال
كفره. و هذا خلاف/ قول الجميع، لأن اصحابنا قالوا ان اللّه تعالى لم يزل مواليا
لمن علم انه يكون عند وجوده وليا له، و معاديا لمن علم انه اذا خلقه و أماته يموت
كافرا. و اما اسلاف المعتزلة فانهم قالوا ان اللّه لا يولي احدا قبل وجود معصيته،
و انما يكون مواليا للعبد في حال وجود الطاعة،
[1] هو ابو سهل، بشر بن
المعتمر، الهلالي، من اهل بغداد، و قيل: بل من أهل الكوفة. و لعله كان كوفيا ثم
انتقل الى بغداد، و هو رئيس معتزلة بغداذ- و له قصيدة اربعون الف بيت ردّ فيها على
جميع المخالفين- و قيل للرشيد انه رافضي فحبسه، فقال في الحبس شعرا (من الرجز):
لسنا من الرافضة الغلاة
و لا من المرجئة الحفاة
لا مفرطين بل نرى الصّديقا
مقدّما و المرتضى الفاروقا
نبرأ من عمرو و من
معاوية.
الى آخر ما ذكره، فلما
بلغت الرشيد افرج عنه (طبقات المعتزلة، تحقيق سوسنة ديفلد- فلزر، ص 52- 54).
[2] الكلام الى هنا
مطابق لما جاء في كتاب «الفرق» (انظر كتاب «الفرق» ط. بدر ص 141- 142، ط. الكوثري
ص 95، ط. عبد الحميد ص 156).