و قال صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: من تواضع للَّه رفعه اللّه و من تكبّر وضعه اللّه و من أكثر ذكر اللّه
أحبّه اللّه»[2].
و قال عليه السّلام
إخبارا عن ربّه «لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى احبّه فإذا أحببته كنت
سمعه الّذي يسمع به- الحديث»[3] و قال زيد بن أسلم: إنّ اللّه ليحبّ العبد حتّى يبلغ من حبّه له
أن يقول: اعمل ما شئت فقد غفرت لك، و ما ورد من ألفاظ المحبّة خارج عن الحصر و قد
ذكرنا أنّ محبّة العبد للَّه عزّ و جلّ حقيقة و ليست بمجاز إذ المحبّة في وضع
اللّسان عبارة عن الميل إلى الشيء الموافق و العشق عبارة عن الميل المفرط الغالب،
و قد بيّنّا أنّ الإحسان موافق للنّفس و الجمال موافق أيضا و إنّ الجمال و الإحسان
تارة يدرك بالبصر و تارة بالبصيرة، و الحبّ يتبع كلّ واحد منهما فلا يختصّ بالبصر،
فأمّا حبّ اللّه تعالى للعبد فلا تدرك حقيقته بعقولنا و أفهامنا أصلا فلا يمكن أن
يكون بهذا المعنى أصلا، بل الأسامي كلّها إذا أطلقت على اللّه تعالى و على غير
اللّه لم تنطلق بمعنى واحد عليهما أصلا حتّى أنّ اسم الوجود الّذي هو أعمّ الأسماء
اشتراكا لا يشمل الخالق و الخلق على وجه واحد بل كلّ ما سوى اللّه تعالى فوجوده
مستفاد من وجود اللّه فالوجود التابع لا يكون مساويا للوجود المتبوع، و إنّما
الاستواء في إطلاق الاسم نظيره اشتراك الفرس و الشجر في اسم الجسم إذ معنى الجسم و
حقيقته متشابه فيهما من غير استحقاق أحدهما لأن يكون فيه أصلا، فليست الجسميّة
لأحدهما مستفادة من الآخر و ليس كذلك اسم الوجود للَّه عزّ و جلّ و لا لخلقه و هذا
التباعد في سائر الأسامي أظهر كالعلم و الإرادة و القدرة و غيرها فكلّ ذلك لا يشبه
فيه الخلق الخالق فإنّ الخالق في ذاته و في جميع صفاته منزّه مقدّس عن مشابهة
مخلوق ما من ذروة العرش إلى منتهى الفرش، و واضع اللّغة
[1] أخرجه الحاكم في
المستدرك ج 1 ص 33 و ج 4 ص 165 و قد تقدم.