نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 363
بعدها أبدا و ذلك غاية شدّة
العذاب.
قال مالك بن أنس: قال
زيد بن أسلم في قوله تعالى: «سَواءٌ عَلَيْنا أَ
جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ[1]» قال: صبروا مائة سنة، ثمّ جزعوا مائة سنة أخرى ثمّ قالوا: «سَواءٌ عَلَيْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا».
و قال صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: «يؤتى بالموت يوم القيامة كأنّه كبش أملح فيذبح بين الجنّة و النار
فيقال: يا أهل الجنّة خلود بلا موت و يا أهل النّار خلود بلا موت[2]».
فهذه أصناف عذاب جهنّم
على الجملة و تفصيل غمومها و أحزانها و محنها و حسراتها لا نهاية له، فأعظم الأمور
عليهم مع ما يلاقونه من شدّة العذاب حسرة فوت نعيم الجنّة و فوت لقاء اللّه و فوت
رضاه مع علمهم بأنّهم باعوا كلّ ذلك بثمن بخس دراهم معدودة إذ لم يبيعوا ذلك إلّا
بشهوات حقيرة في الدّنيا أيّاما قصيرة و كانت غير صافية بل كانت مكدّرة منغّصة
فيقولون في أنفسهم: وا حسرتا كيف أهلكنا أنفسنا بعصيان ربّنا و كيف لم نكلّف
أنفسنا بالصّبر أيّاما قلائل و لو صبرنا لكانت قد انقضت عنّا أيّامه و بقينا الآن
في جوار الرّحمن متنعّمين بالرّضا و الرّضوان، فيا لحسرة هؤلاء و قد فاتهم ما
فاتهم و بلوا بما بلوا به و لم يبق معهم شيء من نعيم الدّنيا و لذّاتها ثمّ إنّهم
لو لم يشاهدوا نعيم الجنّة لم تعظم حسرتهم و لكنّها تعرض عليهم فقد قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «يؤتى يوم القيامة بناس من النّار إلى الجنّة حتّى
إذا دنوا منها و استنشقوا رائحتها و نظروا إلى قصورها و إلى ما أعدّ اللّه لأهلها
فيها نودوا أن اصرفوهم عنها لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة ما رجع الأوّلون و
الآخرون بمثلها فيقولون: يا ربّنا لو أدخلتنا النّار قبل أن ترينا ما أريتنا من
ثوابك و ما أعددت فيها لأوليائك كان أهون علينا فيقول تعالى: ذاك أردت بكم كنتم
إذا خلوتم بارزتموني بالعظائم، و إذا لقيتم النّاس لقيتموهم مخبتين تراءون النّاس
بخلاف ما تعطوني من قلوبكم هبتم النّاس و لم تهابوني و أجللتم النّاس و لم
تجلّوني