نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 333
و عرقها و شدّة عظائمها
إذ نزلت ملائكة من أرجاء السماوات بأجسام عظام و أشخاص ضخام غلاظ شداد أمروا أن
يأخذوا بنواصي المجرمين إلى موقف العرض على الجبّار قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «إنّ للَّه عزّ و جلّ ملكا ما بين شفري عينيه مسيرة خمسمائة
عام[1]» فما ظنّك بنفسك إذا شاهدت مثل
هؤلاء الملائكة أرسلوا إليك ليأخذوك إلى مقام العرض و تراهم على عظم أشخاصهم
منكسرين لشدّة اليوم، مستشعرين ممّا بدا من غضب الجبّار على عباده و عند نزولهم لا
يبقى نبيّ و لا صديق و لا صالح إلّا و يخرّون لأذقانهم خوفا من أن يكونوا هم
المأخوذين، فهذا حال المقرّبين فما ظنّك بالعصاة المجرمين و عند ذلك يبادر أقوام
من شدّة الفزع فيقولون للملائكة:
أ فيكم ربّنا و ذلك لعظم
موكبهم و شدّة هيبتهم فتفزع الملائكة من سؤالهم إجلالا لخالقهم عن أن يكون فيهم
فنادوا بأصواتهم منزّهين لمليكهم عمّا توهّمه أهل الأرض و قالوا: سبحان ربّنا ما
هو فينا و لكنّه آت من بعد و عند ذلك تقوم الملائكة صفّا محدقين بالخلائق من
الجوانب، و على جميعهم شعار الذّلّ و الخشوع و هيئة الخوف و المهابة لشدّة اليوم و
عند ذلك يصدق اللّه تعالى قوله: «فَلَنَسْئَلَنَّ
الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ
عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنَّا غائِبِينَ[2]» «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كانُوا
يَعْمَلُونَ[3]»
فيبدأ بالأنبياء و ذلك قوله تعالى: «يَوْمَ يَجْمَعُ
اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا[4]»
فيا لشدّة يوم تذهل فيه عقول الأنبياء و تنمحى علومهم من شدّة الهيبة إذ يقال لهم:
ما ذا أجبتم؟ و قد أرسلتم إلى الخلائق و كانوا قد علموا، فتدهش عقولهم فلا يدرون
بما ذا يجيبون، فيقولون من شدّة الهيبة: «لا عِلْمَ
لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» و هم في ذلك
الوقت صادقون إذ طارت منهم العقول و انمحت العلوم إلى أن يقوّيهم اللّه تعالى
فيدعى نوح فيقال له: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيقال لامّته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما
أتانا من نذير. و يؤتى