نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 32
الّتي قوي حرصهم على
طلبها فإنّها أيضا معارف و علوم و إن كانت معلوماتها غير شريفة شرف المعلومات
الإلهيّة فأمّا من طال فكره في معرفة اللّه سبحانه و قد انكشف له من أسرار ملك
اللّه و لو الشيء اليسير فإنّه يصادف في قلبه عند حصول الكشف من الفرح ما يكاد
يطير به و يتعجّب من نفسه في ثباته و احتماله لقوّة فرحه و سروره و هذا ممّا لا
يدرك إلّا بالذّوق، و الحكاية فيه قليلة الجدوى، فهذا القدر ينبّهك على أنّ معرفة
اللّه سبحانه ألذّ الأشياء و أنّه لا لذّة فوقها، و لذلك قال أبو سليمان:
من كان اليوم مشغولا
بنفسه فهو غدا مشغول بنفسه و من كان اليوم مشغولا بربّه فهو غدا مشغول بربّه. و
قيل لرابعة: ما حقيقة إيمانك قالت: ما عبدته خوفا من ناره و لا رجاء لجنّته فأكون
كالأجير السوء، بل عبدته حبّا له و شوقا إليه، و قالت في معنى المحبّة نظما:
احبّك حبّين حبّ الهوى
و حبّا لأنّك أهل لذاكا
فأمّا الّذي هو حبّ الهوى
فشغلي بذكرك عمّن سواكا
و أمّا الّذي أنت أهل له
فكشفك لي الحجب حتّى أراكا
فلا الحمد في ذا و لا ذاك لي
و لكن لك الحمد في ذا و ذاكا
و لعلّها أرادت بحبّ
الهوى حبّ اللّه تعالى لإحسانه إليها و إنعامه عليها بحظوظ العاجلة، و بحبّها لما
هو أهل له الحبّ لجماله و جلاله الّذي انكشف لها و هو أعلى الحبّين و أقواهما و
لذّة مطالعة جمال الرّبوبيّة هي الّتي عبّر عنها صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث
قال حاكيا عن ربّه تعالى: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت و لا إذن سمعت و
لا خطر على قلب بشر»[1]
و قد يتعجّل بعض هذه اللّذات لمن انتهى صفاء قلبه إلى الغاية، و لذلك قال بعضهم:
إنّي لأقول: يا ربّ يا اللّه فأجد ذلك أثقل على قلبي من الجبال لأنّ النداء يكون
من وراء حجاب و هل رأيت جليسا ينادي جليسه؟
و قال: إذا بلغ الرّجل
في هذا العلم الغاية رماه الخلق بالحجارة. أي يخرج كلامه عن حدّ عقولهم فيرون ما
يقوله جنونا و كفرا، فمقصد العارفين كلّهم وصله و لقاؤه
[1] أخرجه البخاري ج 4
ص 143 من حديث أبي هريرة و قد تقدم.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 32