نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 308
عليه لو أخذ منه فإنّه
يبقى متأسّفا عليه و معذّبا به، فإن كان مخفّفا في الدّنيا سلم و هو المعنى بقولهم
«نجا المخفّون» و إن كان مثقّلا عظم عذابه، و كما أنّ حال من سرق منه دينار أخفّ
من حال من سرق منه عشرة دنانير فكذلك حال صاحب الدّرهم أخفّ من حال صاحب
الدّرهمين، و هو المعنى بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «صاحب الدّرهم أخفّ
حسابا من صاحب الدّرهمين»[1] و ما من شيء من الدّنيا يتخلّف عنك عند الموت إلّا و هو حسرة
عليك بعد الموت فإن شئت فاستكثر و إن شئت فاستقلل، فإن استكثرت فلست بمستكثر إلّا
من الحسرة و إن استقللت فلست تخفّف إلّا ظهرك و إنّما تكثر الحيّات و العقارب في
قبور الأغنياء الّذين استحبّوا الحياة الدّنيا على الآخرة و فرحوا بها و اطمأنّوا
إليها. فهذه مقامات الإيمان في حيّات القبر و عقاربه و في سائر أنواع عذابه، رأى
أبو سعيد الخدري ابنا له قد مات في المنام فقال له: يا بنيّ عظني قال: لا تخالف
اللّه تعالى فيما يريد، قال: يا بنيّ زدني قال: يا أبه لا تطيق، قال: بلى، قال: لا
تجعل بينك و بين اللّه قميصا، قال:
فما لبس قميصا ثلاثين
سنة.
فإن قلت: فما الصحيح من
هذه المقامات الثلاثة؟ فاعلم أنّ في الناس من لم يثبت إلّا الأوّل و أنكر ما بعده،
و منهم من أنكر الأوّل و أثبت الثاني، و منهم من لم يثبت إلّا الثالث، و إنّما
الحقّ الّذي انكشف لنا بطريق الاستبصار أنّ كلّ ذلك في حيّز الإمكان و أنّ من ينكر
بعض ذلك فهو لضيق حوصلته و جهله باتّساع قدرة اللّه سبحانه و عجائب تدبيره فينكر
من أفعال اللّه ما لم يأنس به و لم يألفه و ذلك جهل و قصور بل هذه الطرق الثلاثة
في التعذيب ممكنة و التصديق بها واجب و ربّ عبد يعاقب بنوع واحد من هذه الأنواع و
ربّ عبد تجمع عليه هذه الأنواع الثلاثة نعوذ باللّه من عذاب القبر قليله و كثيره
هذا هو الحقّ فصدّق به تقليدا، فيعزّ على بسيط الأرض من يعرف ذلك تحقيقا، و الّذي
أوصيك به أن لا تكثر نظرك في تفصيل ذلك و لا تشتغل بمعرفته، بل اشتغل بالتدبير في
دفع العذاب كيف ما كان، فإن