responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 307

مال قطّ و لا جاه قطّ فكنت لا أتأذّى بفراقه، فالموت عبارة عن مفارقة المحبوبات الدّنياويّة كلّها دفعة واحدة.

ما حال من كان له واحد

 

غيّب عنه ذلك الواحد

 

فما حال من لا يفرح إلّا بالدّنيا فتؤخذ منه الدّنيا و تسلّم إلى أعدائه، ثمّ ينضاف إلى هذا العذاب تحسّره على ما فاته من نعيم الآخرة و الحجاب عن اللّه فإنّ حبّ غير اللّه يحجب عن لقاء اللّه و التنعّم به فيتوالى عليه ألم الفراق لجميع محبوباته و حسرته على ما فاته من نعيم الآخرة أبد الآباد و ذلّ الرّدّ و الحجاب عن اللّه تعالى و ذلك هو الّذي يعذّب به إذ لا يتبع نار الفراق إلّا نار جهنّم كما قال تعالى: «كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ. ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ» [1] و أمّا من لم يأنس بالدّنيا و لم يحبّ إلّا اللّه و كان مشتاقا إلى لقاء اللّه فقد تخلّص من سجن الدّنيا و مقاساة الشهوات فيها، و قدم على محبوبه و انقطعت عنه العوائق و الصّوارف، و توفّر عليه النعيم مع الأمن من الزّوال أبد الآباد و لمثل ذلك فليعمل العاملون، و المقصود أنّ الرّجل قد يحبّ فرسه بحيث لو خيّر بين أن يؤخذ منه و بين أن يلدغه عقرب آثر الصبر على لدغ العقرب فإذن ألم فراق الفرس عنده أعظم من لدغ عقرب و حبّه للفرس هو الّذي يلدغه إذا أخذ منه فرسه فليستعدّ لهذه اللّدغات فإنّ الموت يأخذ منه فرسه و مركبه و داره و عقاره و أهله و ولده و أحبّاءه و معارفه و يأخذ منه جاهه و قبوله بل يأخذ منه سمعه و بصره و أعضاءه و ييئس عن رجوع جميع ذلك إليه فإذا لم يحبّ سواه و قد أخذ جميع ذلك منه فذلك أعظم عليه من العقارب و الحيّات و كما لو أخذ ذلك منه و هو حيّ فيعظم عقابه، فكذلك إذا مات لأنّا قد بيّنّا أنّ المعنى الّذي هو المدرك للآلام و اللّذّات لم يمت بل عذابه بعد الموت أشدّ لأنّه في الحياة يتسلّى عنها بأسباب يشتغل بها حواسّه من مجالسة و محادثة و يتسلّى برجاء العود إليه و يتسلّى برجاء العوض منه، و لا سلوة بعد الموت إذ قد انسدّ عليه طرق التسلّي و حصل اليأس، فإذا كلّ قميص له و منديل و غيره ممّا كان قد أحبه بحيث كان يشقّ‌


[1] المطففين: 15 و 16.

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست