responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 229

البهائم إلى عالم الملإ الأعلى فقد فتحت عينيك فأدركت ظاهرها فغمّض عينك الظاهرة و انظر ببصيرتك الباطنة لترى عجائب باطنها و غرائب أسرارها و هذا أيضا باب يطول الفكر فيه و لا مطمع في استيفائه، فتأمّل السحاب الكثيف المظلم كيف تراه تجمع في جوّ صاف لا كدورة فيه و كيف يخلقه اللّه عزّ و جلّ إذا شاء و متى شاء و هو مع رخاوته حامل للماء الثقيل و ممسك في جوّ السّماء إلى أن يأذن اللّه عزّ و جلّ في إرساله الماء و تقطيع القطرات كلّ قطرة بالقدر الّذي أراده اللّه عزّ و جلّ و على الشكل الّذي شاءه فترى السّحاب يرشّ الماء على الأرض و يرسله قطرات متفاصلة لا تدرك قطرة منها أخرى و لا تتّصل واحدة بأخرى بل تنزل كلّ واحدة في الطريق الّذي رسم لها لا تعدل عنه و لا يتقدّم المتأخّر و لا يتأخّر المتقدّم حتّى يصيب الأرض قطرة قطرة فلو اجتمع الأوّلون و الآخرون على أن يخلقوا منها قطرة واحدة أو يعرفوا عدد ما ينزل منها في بلدة واحدة أو قرية واحدة لعجز حساب الجنّ و الانس عنه فلا يعلم عددها إلّا الّذي أوجدها، ثمّ كلّ قطرة منها عيّنت لكلّ جزء من الأرض و لكلّ حيوان فيها من طير و وحش و دود مكتوب على تلك القطرة بخطّ إلهي لا يدرك بالبصر الظاهر أنّها رزق الدّود الفلانية الّذي هو في ناحية الجبل الفلاني تصل إليها عند عطشها في الوقت الفلاني هذا مع ما في انعقاد البرد الصلب من الماء اللّطيف و في تناثر الثلوج كالقطن المندوف من العجائب الّتي لا تحصى كلّ ذلك فضل من الجبّار القادر و قهر من الخلّاق القاهر، ما لأحد فيه شركة و لا مدخل بل ليس للمؤمن من خلقه إلّا الاستكانة و الخضوع تحت جلاله و عظمته و لا للعميان الجاحدين إلّا الجهل بكيفيّته و رجم الظنّ بذكر سببه و علّته فيقول الجاهل المغرور: إنّما ينزل الماء لأنّه ثقيل بطبعه، و إنّما هذا سبب نزوله و يظنّ أنّ هذه معرفة انكشفت له و يفرح بها و لو قيل له: ما معنى الطّبع؟ و ما الّذي خلقه؟ و ما الّذي خلق الماء الّذي طبعه الثقل؟ و ما الّذي يرقى الماء المصبوب في أسفل الأشجار إلى أعالى الأغصان و هي ثقيلة بطبعها فكيف هوت إلى أسفل ثمّ ارتفعت إلى فوق في داخل تجاويف الأشجار شيئا فشيئا بحيث لا يرى و لا يشاهد

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست