نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 228
البحر في الماء و تضطرب
جوانبه و أمواجه عند هبوب الرّياح كما تضطرب أمواج البحر فإذا حرّك اللّه الهواء و
جعله ريحا هابّة فإن شاء جعله بشرى بين يدي رحمته كما قال:
«وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ[1]» فيصل بحركته روح الهواء إلى الحيوانات و النبات فتستعدّ للنماء و
إن شاء جعله عذابا على العصاة من خليقته كما قال:
«إِنَّا أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ. تَنْزِعُ النَّاسَ
كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ[2]» ثمّ انظر إلى لطف الهواء ثمّ شدّته و قوّته مهما ضغط في الماء
فالزّقّ المنفوخ يتحامل عليه الرّجل القوي ليغمسه في الماء فيعجز عنه و الحديد
الصلب تضعه على وجه الماء فيرسب فيه فانظر كيف ينقبض الهواء من الماء بقوّته مع
لطافته و بهذه الحكمة أمسك اللّه عزّ و جلّ السفن على وجه الماء و كذلك كلّ مجوّف
فيه هواء لا يغوص في الماء لأنّ الهواء ينقبض عن الغوص في الماء و لا ينفصل عن
السطح الدّاخل في السفينة فتبقى السفينة الثقيلة مع قوّتها و صلابتها معلّقة في
الهواء اللّطيف كالّذي يقع في البئر فيتعلّق بذيل رجل قويّ ممتنع عن الهويّ في
البئر و السفينة بمقعرها تتشبّث بأذيال الهواء القويّ حتّى يمتنع عن الهويّ و
الغوص في الماء فسبحان من علّق المركب الثقيل من هواء لطيف من غير علاقة تشاهد و
عقدة تشدّ، ثمّ انظر إلى عجائب الجوّ و ما يظهر فيها من الغيوم و الرّعود و البروق
و الأمطار و الثلوج و الشهب و الصواعق و هي عجائب ما بين السماء و الأرض و قد أشار
القرآن إلى جملته في قوله تعالى: «وَ ما خَلَقْنَا
السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ[3]» و السحاب هو الّذي بينهما و أشار إلى تفصيله في مواضع شتّى حيث
قال: «وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ»[4] و حيث تعرّض للرّعد و البرق و
السحاب و المطر. فإذا لم يكن لك حظّ من هذه الجملة إلّا أن ترى المطر بعينك و تسمع
الرّعد بإذنك فالبهيمة تشاركك في هذه المعرفة فارتفع من حضيض عالم