نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 211
أدام النظر إليها و نظره
المختطف إليها يورث العمش و تضعف البصر و كذلك النظر إلى ذات اللّه عزّ و جلّ يورث
الحيرة و الدّهش و اضطراب العقل فالصواب إذن أن لا يتعرّض لمجاري الفكر في ذات
اللّه و صفاته فإنّ أكثر العقول لا تحتمله بل القدر اليسير الّذي صرّح به بعض
العلماء، و هو أنّ اللّه عزّ و جلّ مقدّس عن المكان، منزّه عن الأقطار و الجهات، و
أنّه ليس داخل العالم و لا خارجه و لا هو متّصل بالعالم و لا هو منفصل عنه، قد
حيّر عقول أقوام حتّى أنكروه إذ لم يطيقوا إسماعه و معرفته بل ضعفت طائفة عن
احتمال أقلّ من هذا إذ قيل لهم: إنّه يتعالى عن أن يكون له رأس و رجل و يد و عين و
عضو، و أن يكون جسما مشخّصا له حجم و مقدار فأنكروا هذا فظنّوا أنّ ذلك قدح في
عظمته و جلاله حتّى قال بعض الحمقى من العوام: إنّ هذا وصف بطّيخ هندي لا وصف
الإله فظنّ المسكين أنّ الجلالة و العظمة في هذه الأعضاء و هذا لأنّ الإنسان لا يعرف
إلّا نفسه و لا يستعظم إلّا نفسه، فكلّ ما لا يساويه في صفاته فلا يفهم العظمة فيه
نعم غايته أن يقدّر نفسه جميل الصورة جالسا على سريره و بين يديه غلمان يمتثلون
أمره فلا جرم غايته أن يقدّر ذلك في حقّ اللّه تعالى و تقدّس حتّى يفهم العظمة بل
لو كان للذّباب عقل و قيل له: ليس لخالقك جناحان و لا يد و لا رجل و لا له طيران
لأنكر ذلك، و قال: كيف يكون خالقي انقص منّي أ فيكون مقصوص الجناح أو يكون زمنا لا
يقدر على الطيران، أو يكون لي آلة و قدرة و لا يكون له مثلها و هو خالقي و مصوّري
و عقول أكثر الخلق قريبة من هذا العقل، و إنّ الإنسان جهول ظلوم كفّار و لذلك أوحى
اللّه عزّ و جلّ إلى بعض أنبيائه لا تخبر عبادي بصفاتي فينكرون و لكن أخبرهم عنّي
بما يفهمون و لمّا كان النظر في ذات اللّه عزّ و جلّ و صفاته مخطرا من هذا الوجه
اقتضى أدب الشرع و صلاح الخلق بأن لا يتعرّض لمجاري الفكر فيه لكنّا نعدل إلى
المقام الثاني و هو النظر إلى أفعاله و عجائب صنعه و بدائع أمره في خلقه فإنّها
تدلّ على جلاله و كبريائه و تقدّسه و تعاليه و تدلّ على كمال علمه و حكمته و على
نفاذ مشيّته و قدرته فننظر إلى صفاته من آثار صفاته فإنّا لا نطيق النظر إلى صفاته
كما أنّا [لا] نطيق النظر
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 211