نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 208
الناس يغلب عليهم نوع من
المعصية فينبغي أن يكون تفقّدهم لها و تفكّرهم فيها لا في معاص هم بمعزل عنها،
مثاله العالم الورع فإنّه لا يخلو في غالب الأمر عن إظهار نفسه بالعلم و طلب
الشّهرة و انتشار الصّيت إمّا بالتدريس أو بالوعظ و من فعل ذلك تصدّى لفتنة عظيمة
لا ينجو منها إلّا الصّدّيقون فإنّه إن كان كلامه مقبولا حسن الوقع في القلوب لن
ينفكّ عن الإعجاب و الخيلاء و التّزيّن و التصنّع و ذلك من المهلكات و إن ردّ
كلامه لم ينفكّ عن أنفة و غيظ و حقد على من ردّه و هو أكثر من غيظه على من يردّ
عليه كلام غيره و قد يلبّس الشيطان عليه و يقول: إنّ غيظك من حيث إنّه ردّ الحقّ و
أنكره، فإن وجد تفرقة بين أن يردّ عليه كلامه أو يردّ على عالم آخر فهو مغرور و
ضحكة للشيطان، ثمّ مهما كان له ارتياح بالقبول و فرح بالثناء و استنكاف من الرّدّ
و الاعراض لم يخل عن تكلّف و تصنّع لتحسين اللّفظ و الايراد حرصا على استجلاب
الثّناء و اللّه لا يحبّ المتكلّفين، و الشيطان قد يلبّس عليه و يقول: إنّما حرصك
على تحسين الألفاظ و التكلّف فيها لينتشر الحقّ و يحسن موقعه في القلب إعلاء لدين
اللّه عزّ و جلّ، فإن كان فرحه بحسن الألفاظ و ثناء الناس عليه أكثر من فرحه بثناء
الناس على واحد من أقرانه فهو مخدوع و إنّما يدندن حول طلب الجاه و هو يظنّ أنّ
مطلبه الدّين و مهما اختلج ضميره بهذه الصفات ظهر على ظاهره ذلك، حتّى يكون
للموقّر له المعتقد لفضله أكثر احتراما و يكون بلقائه أشدّ استبشارا ممّن يغلو في
موالاة غيره و إن كان ذلك الغير مستحقّا للموالاة، و ربّما ينتهي الأمر بأهل العلم
إلى أن يتغايروا تغاير النساء فيشقّ على أحدهم أن يختلف بعض تلامذته إلى غيره و إن
كان يعلم أنّه منتفع بغيره و مستفيد منه في دينه و كلّ هذا رشح الصفات المهلكات
المستكنّة في سرّ القلب الّتي قد يظنّ العالم النجاة منها و هو مغرور فيها و إنّما
ينكشف ذلك بهذه العلامات ففتنة العالم عظيمة و هو إمّا مالك و إمّا هالك و لا مطمع
له في سلامة العوام، فمن أحسّ في نفسه بهذه الصفات فالواجب عليه الانفراد و العزلة
و طلب الخمول و المدافعة للفتاوي مهما سئل فقد كان المسجد يهوى جمعا من أصحاب
النبيّ عليه السّلام كلّهم مفتون و
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 208