و عنه عليه السّلام «لا
تنظروا إلى طول ركوع الرّجل و سجوده فإنّ ذلك شيء اعتاده و لو تركه استوحش لذلك،
و لكن انظروا إلى صدق حديثه و أداء أمانته»[2] و عنه عليه السّلام قال لبعض أصحابه: «انظر ما بلغ به عليّ عليه
السّلام عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فألزمه فإنّ عليّا عليه
السّلام إنّما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بصدق
الحديث و أداء الأمانة»[3].
(بيان حقيقة الصدق و
معناه و مراتبه)
اعلم أنّ لفظ الصدق
يستعمل في ستّة معان صدق في القول و صدق في النيّة و الإرادة و صدق في العزم و صدق
في الوفاء بالعزم و صدق في العمل و صدق في تحقيق مقامات الدّين كلّها، فمن اتّصف
بالصدق في جميع ذلك فهو صدّيق لأنّه مبالغة من الصدق، ثمّ هم أيضا على درجات و من
كان له حظّ من الصدق في شيء من الجملة فهو صادق بالإضافة إلى ما فيه صدقه.
الصدق الأوّل صدق
اللّسان
و ذلك لا يكون إلّا في
الإخبار أو فيما يتضمّن الإخبار و ينبّه عليه و الخبر إمّا أن يتعلّق بالماضي أو
بالمستقبل و فيه يدخل الوفاء بالوعد و الخلف فيه و حقّ على كلّ عبد أن يحفظ ألفاظه
فلا يتكلّم إلّا بالصدق و هذا هو أشهر أنواع الصدق و أظهرها، فمن حفظ لسانه عن
الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق، و لكن لهذا الصدق كما لان
أحدهما الاحتراز عن المعاريض و قد قيل: في المعاريض لمندوحة عن الكذب و ذلك لأنّها
تقوم مقام الكذب إذ المحذور من الكذب تفهيم الشيء على خلاف ما هو عليه في نفسه
إلّا أن ذلك ممّا تمسّ إليه الحاجة و تقتضيه المصلحة في بعض الأحوال و في تأديب
الصبيان و النسوان و من يجري مجراهم و في الحذر عن الظلمة و في قتال الأعداء و
الاحتراز عن اطّلاعهم على أسرار الملك فمن اضطرّ إلى شيء من ذلك فصدقه فيه أن
يكون نطقه فيه للَّه بما يأمره الحقّ به و يقتضيه