responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 135

يفرق في أحواله بين مشاهدة إنسان و مشاهدة بهيمة فهو بعد خارج عن صفو الإخلاص مدنّس الباطن بالشرك الخفيّ من الرّياء و هذا الشرك أخفى في قلب ابن آدم من دبيب النملة السوداء في اللّيلة الظلماء على الصخرة الصمّاء كما ورد به الخبر [1] و لا يسلم من الشيطان إلّا من دقّ نظره و سعد بعصمة اللّه تعالى و توفيقه و هدايته و إلّا فالشيطان ملازم للمتشمّرين لعبادة اللّه عزّ و جلّ لا يغفل عنهم لحظة حتّى يحملهم على الرّياء في كلّ حركة من الحركات حتّى في كحل العين و قصّ الشارب و طيب يوم الجمعة و لبس الثياب فإنّ هذه سنن في أوقات مخصوصة و للنفس فيها حظّ خفيّ لارتباط نظر الخلق بها و لاستيناس الطبع بها فيدعوه الشيطان إلى فعل ذلك و يقول هذه سنّة لا ينبغي أن تتركها و يكون انبعاث القلب باطنا لها لأجل تلك الشهوات الخفيّة أو مشوبة بها شوبا يخرج عن حدّ الإخلاص بسببه و ما لا يسلم عن هذه الآفات كلّها فليس بخالص بل من يعتكف في مسجد معمور نظيف حسن العمارة يأنس إليه الطبع به فالشيطان يرغّبه فيه و يكثر عليه من ثواب الاعتكاف و قد يكون المحرّك الخفي في سرّه هو الانس بحسن صورة المسجد و استراحة الطبع إليه و يتبيّن ذلك في ميله إلى أحد المسجدين أو أحد الموضعين إذا كان أحسن من الآخر و كلّ ذلك امتزاج بشوائب الطبع و كدورات النفس فيبطل حقيقة الإخلاص، لعمري الغشّ الّذي يمزج بخالص الذّهب له درجات متفاوتة فمنها ما يغلب و منها ما يقلّ و لكن يسهل إدراكه و منها ما يدقّ بحيث لا يدركه إلّا الناقد البصير و غشّ القلب و دغل الشيطان و خبث النفس أغمض من ذلك و أدقّ كثيرا و لهذا قيل: ركعتان من عالم أفضل من عبادة سنة من جاهل و أريد به العالم البصير بدقائق آفات الأعمال حتّى يخلص عنها فإنّ الجاهل نظره إلى ظاهر العبادة و اغتراره بها كنظر السوادي إلى حمرة الدّينار المموّه و استدارته و هو زائف في نفسه و قيراط من خالص الذّهب الّذي يرتضيه الناقد خير من الدّينار الّذي يرتضيه الغرّ الغبي فهكذا يتفاوت أمر العبادات بل أشدّ و أعظم و مداخل الآفات المتطرّقة إلى فنون الأعمال لا يمكن حصرها و إحصاؤها فما


[1] تقدم غير مرة في العلم و غيره.

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 8  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست