نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 133
لاستحقروها و لم يلتفتوا
إليها فحركتهم لحظّ و طاعتهم لحظّ و لكن حظّهم معبودهم فقطّ دون غيره، ثمّ قال: و
الأقاويل في هذا كثيرة و لا فائدة في تكثير النقل بعد انكشاف الحقيقة و إنّما
البيان الشافي بيان سيّد الأوّلين و الآخرين عليه السّلام إذ سئل عن الإخلاص فقال:
«هو أن تقول ربّي اللّه ثمّ تستقيم كما أمرت»[1]أي لا تعبد هواك و نفسك و لا
تعبد إلّا ربّك و تستقيم في عبادته كما أمرك. و هذه إشارة إلى قطع كلّ ما سوى
اللّه عزّ و جلّ عن مجرى النظر و هو الإخلاص حقّا.
(بيان درجات الشوائب و
الآفات المكدّرة للإخلاص)
اعلم أنّ الآفات
المشوّشة للإخلاص بعضها جليّ و بعضها خفيّ و بعضها ضعيف مع الجلاء و بعضها قويّ مع
الخفاء و لا يفهم اختلاف درجاتها في الخفاء و الجلاء إلّا بمثال و أظهر مشوّشات
الإخلاص الرّياء فلنذكر منه مثالا فنقول: الشيطان يدخل الآفة على المصلّي مهما كان
مخلصا في صلاته حيث نظر إليه جماعة أو دخل عليه داخل فيقول له: حسّن صوتك حتّى
ينظر إليك هذا الحاضر بعين الوقار و الصلاح و لا يزدريك و لا يغتابك فتخشع جوارحه
و تسكن أطرافه و تحسن صلاته و هذا هو الرّياء الظاهر و لا يخفى ذلك على المبتدئين
من المريدين.
الدّرجة الثانية أن يكون
المريد قد فهم هذه الآفة فأخذ منها حذره فصار لا يطيع الشيطان فيه و لا يلتفت إليه
و يستمرّ في صلاته كما كان فيأتيه في معرض الخير و يقول: أنت متبوع و مقتدى بك و
منظور إليك و ما تفعله يؤثر عنك و يتأسّى بك غيرك فيكون لك ثواب أعمالهم إن أحسنت
و عليك الوزر إن أسأت فأحسن عملك بين يديه فعساه يقتدى بك في الخشوع و تحسين
العبادة و هذا أغمض من الأوّل و قد ينخدع به من لا ينخدع بالأوّل و هو أيضا عين
الرّياء و مبطل للإخلاص فإنّه إن كان يرى الخشوع و حسن العبادة خيرا لا يرتضي
لغيره تركه فلم لم يرتض لنفسه ذلك في الخلوة
[1] أخرجه ابن ماجه في
السنن تحت رقم 3972. أن سفيان بن عبد اللّه الثقفي قال: قلت: يا رسول اللّه حدثني
بامر أعتصم به قال: قل: «ربي اللّه ثم استقم». و روى نحوه مسلم في الصحيح.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 133