نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 8 صفحه : 132
الثواب عنك لا لانصراف
وجوه الناس منك إذ لو اتّعظوا بقولك لكنت أنت المثاب و اغتمامك لفوات الثواب
محمود، و لا يدري المسكين أنّ انقياده للحقّ و تسليمه الأمر للأفضل أجزل ثوابا و
أعود عليه في الآخرة من انفراده. و قد ينخدع بعض أهل العلم بغرور الشيطان فيحدّث
نفسه بأنّه لو ظهر من هو أولى منه بالأمر لفرح به و لاختاره بذلك على نفسه و ذلك
قبل التجربة و الامتحان محض الجهل و الغرور، فإنّ النفس سهلة القياد في الوعد
بأمثال ذلك قبل نزول الأمر بها، ثمّ إذا دهاها الأمر تغيّرت و رجعت و لم تف
بالوعد، و ذلك لا يعرفه إلّا من عرف مكايد الشيطان و النفس و طال اشتغاله
بامتحانها فمعرفة حقيقة الإخلاص و العمل بها بحر عميق يغرق فيه الجميع إلّا الشاذّ
النادر و الفرد الفذّ و هو المستثنى في قوله تعالى:
«إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»[1] فليكن العبد شديد التفقّد و المراقبة لهذه الدّقائق و إلّا التحق
بأتباع الشيطان و هو لا يشعر به.
(1) أقول: ثمّ ذكر أبو
حامد أقاويل الشيوخ في الإخلاص و نقل عن بعضهم أنّ الإخلاص في العمل هو أن لا يريد
صاحبه عليه عوضا في الدّارين قال: و هذه إشارة إلى
أنّ حظوظ النفس آفة آجلا و عاجلا و العابد لأجل تنعّم النفس بالشهوات في الجنّة
معلول بل الحقيقة أن لا يراد بالعمل إلّا وجه اللّه و هو إشارة إلى إخلاص
الصدّيقين و هو الإخلاص المطلق، فأمّا من يعمل لرجاء الجنّة أو خوف النّار فهو
مخلص بالإضافة إلى الحظوظ العاجلة و إلّا فهو في طلب حظّ البطن و الفرج و إنّما
المطلوب الحقّ لذوي الألباب وجه اللّه فقطّ و قول القائل لا يتحرّك الإنسان إلّا
لحظّ و البراءة من الحظوظ صفة الإلهيّة و من ادّعاها فهو كافر حقّا، و لكنّ القوم
إنّما أرادوا بها البراءة عمّا يسمّيه الناس حظوظا و هي الشهوات الموصوفة في
الجنّة فقطّ فأمّا التلذّذ بمجرّد المعرفة و المناجاة و النظر إلى وجه اللّه عزّ و
جلّ فهذا حظّ هؤلاء و هذا لا يعدّه الناس حظّا بل يتعجّبون منه و هؤلاء لو عوّضوا
عمّا هم فيه من لذّة الطاعة و المناجاة و ملازمة الشهود للحضرة الإلهيّة سرّا و
جهرا جميع نعيم الجنّة