نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 424
و تفاوت الناس في قصر الأمل و طوله و بسط
الكلام في ذلك بما لا طائل تحته.
ثمّ قال: و ليس الكوز و السفرة و ما يحتاج
إليه على الدّوام في معنى ذلك فادّخاره لا ينقص الدّرجة و أمّا ثوب الشتاء فلا
يحتاج إليه في الصيف و هذا في حقّ من لا ينزعج قلبه بترك الادّخار و لا يستشرف
نفسه إلى أيدي الخلق بل لا يلتفت قلبه إلّا إلى الوكيل الحقّ، فإن كان يستشعر في
نفسه اضطرابا يشغل قلبه عن العبادة و الذّكر و الفكر فالادّخار له أولى بل لو أمسك
ضيعة يكون دخلها وافيا بقدر كفايته و كان لا يتفرّغ قلبه إلّا به فذلك له أولى
لأنّ المقصود إصلاح القلوب ليتجرّد لذكر اللّه، و ربّ شخص يشغله وجود المال و ربّ
شخص يشغله عدمه، و المحذور ما يشغله عن اللّه و إلّا فالدّنيا في عينها غير محذورة
لا وجودها و لا عدمها، و لذلك بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى
أصناف الخلق و فيهم التجّار و المحترفون و أهل الحرف و الصناعات فلم يأمر التاجر
بترك تجارته و لا المحترف بترك حرفته و لا أمر التارك لهما بالاشتغال بهما بل دعا
الكلّ إلى اللّه و أرشدهم إلى فوزهم و نجاتهم في انصراف قلوبهم عن الدّنيا إلى
اللّه و عمدة الاشتغال باللّه تعالى هو القلب فصواب الضعيف ادّخار قدر حاجته كما
أنّ صواب القويّ ترك الادّخار، و هذا كلّه حكم المنفرد فأمّا المعيل فلا يخرج عن
حدّ التوكّل بادّخار قوت سنة لعياله جبرا لضعفهم و تسكينا لقلوبهم و ادّخار أكثر
من ذلك مبطل للتوكّل لأنّ الأسباب تتكرّر عند تكرّر السنين فادّخار ما يزيد عليه
سببه ضعف القلب، و ذلك يناقض قوّة التوكّل، فالمتوكّل عبارة عن موحّد قويّ القلب
مطمئنّ النفس إلى فضل اللّه تعالى واثق بتدبيره دون وجود الأسباب الظاهرة و قد
ادّخر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعياله قوت سنة[1]، و نهى
أمّ أيمن و غيرها عن أن تدّخر شيئا لغد[2] و كان عليه
السّلام لو ادّخر لم ينقص ذلك من توكّله إذ كان لا يثق بما ادّخره و لكنّه ترك ذاك
تعليما للأقوياء من أمّته فإن أقوياء أمّته ضعفاء بالإضافة إلى قوّته و ادّخر
لعياله سنة لا لضعف قلب فيه و في عياله و لكن ليسنّ ذلك للضعفاء من أمّته