نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 330
كان مستكنّا في الفؤاد استكنان النار تحت
الرّماد، و هذا حال كلّ الأغنياء إلّا الأنبياء و الأولياء و إذا كان ذلك محالا أو
بعيدا فلنطلق القول بأنّ الفقر أصلح لكافّة الخلق و أفضل لأنّ علاقة الفقير و انسه
بالدّنيا أضعف و بقدر ضعف علاقته يتضاعف ثواب تسبيحاته و عباداته فإنّ حركات
اللّسان ليست مرادة لأعيانها بل ليتأكّد بها الانس بالمذكور و لا يكون تأثيرها في
إثارة الانس في قلب فارغ عن غير المذكور كتأثيرها في قلب مشغول، و لذلك قال بعض
السلف: مثل من تعبّد و هو في طلب الدّنيا مثل من يطفئ النّار بالحلفاء و مثل من
يغسل يده من الغمر بالسمن.
(1) أقول: و في الكافي عن الصادق عليه
السّلام في قوله عزّ و جلّ: «إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ»[1] قال: «القلب السليم الّذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه،
قال: و كلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط و إنّما أرادوا الزّهد في الدّنيا لتفرغ
قلوبهم للآخرة»[2].
(بيان آداب الفقير في فقره)
للفقير آداب في باطنه و ظاهره و مخالطته و
أفعاله ينبغي أن يراعيها، و أمّا أدب باطنه فأن لا يكون فيه كراهة لما ابتلاء
اللّه به من الفقر، أعني به أنّه لا يكون كارها فعل اللّه من حيث إنّه فعله و إن
كان كارها للفقر كالمحجوم يكون كارها للحجامة لتألّمه بها و لا يكون كارها فعل
الحجّام و لا كارها له بل ربّما يتقلّد منّة منه فهذا أقلّ درجاته و هو واجب و
نقيضه حرام و محبط ثواب الفقر، و هو معنى قوله عليه السّلام: «يا معشر الفقراء
أعطوا اللّه الرّضا من قلوبكم تظفروا بثواب فقركم و إلّا فلا»[3] و أرفع من
هذا أن لا يكون كارها للفقر بل يكون راضيا به، و أرفع منه أن يكون طالبا له و فرحا
به لعلمه بغوائل الغنى و يكون متوكّلا في باطنه على اللّه واثقا به في قدر ضرورته
أنّه يأتيه لا محالة و يكون كارها للزّيادة على الكفاف.
(2) أقول: هذا ينافي قوله فيما يمضى أنّ أرفع
المراتب أن يكون الفقر و الغنى عنده