نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 294
الحجاب نزل العذاب إذ نار اللّه الموقدة لا
تأخذ إلّا المحجوبين عنه فأمّا المؤمن السليم قلبه عن حبّ الدّنيا المصروف همّه
إلى اللّه تعالى تقول له النّار: جزيا مؤمن فإنّ نورك أطفأ لهبي فمهما اتّفق قبض
الرّوح في حالة غلبة حبّ الدّنيا فالأمر مخطر لأنّ المرء يموت على ما عاش عليه و
لا يمكن اكتساب صفة أخرى للقلب بعد الموت تضادّ الصفة الغالبة عليه إذ لا تصرّف في
القلوب إلّا بأعمال الجوارح و قد بطلت الجوارح بالموت فبطلت الأعمال فلا مطمع في
عمل و لا مطمع في الرّجوع إلى الدّنيا ليتدارك و عند ذلك تعظم الحسرة إلّا أنّ أصل
الإيمان و حبّ اللّه تعالى إذا كان قد رسخ في القلب بمدّة طويلة و تأكّد ذلك
بالأعمال الصالحة فإنّه يمحو عن القلب هذه الحالة الّتي عرضت له عند الموت، فإن
كان إيمانه في القوّة إلى حدّ مثقال أخرجه من النّار في زمان أقرب و إن كان أقلّ
من ذلك طال مكثه في النّار و لو لم يكن إلّا مثقال حبّة فلا بدّ و أن يخرج من
النّار و لو بعد آلاف سنين.
فإن قلت: فما ذكرته يقتضي أن يسرع النّار
إليه عقيب موته فما باله يؤخّر إلى يوم القيامة و يمهل طول هذه المدّة؟ فاعلم أنّ
من أنكر عذاب القبر فهو مبتدع محجوب عن نور الإيمان و نور القرآن بل الصحيح عند
ذوي الأبصار ما صحّت به الأخبار و هو «أنّ القبر إمّا حفرة من حفر النيران أو روضة
من رياض الجنّة»[1]و أنّه «قد يفتح إلى قبر المعذّب سبعون بابا من الجحيم» كما
وردت به الأخبار[1] فلا يفارقه روحه إلّا و قد نزل به البلاء إن كان قد شقي
بسوء الخاتمة و إنّما تختلف أصناف العذاب باختلاف الأوقات فيكون سؤال منكر و نكير
عند الوضع في القبر و التعذيب بعده، ثمّ المناقشة في الحساب و الافتضاح على ملأ
الأشهاد في القيامة، ثمّ بعد ذلك خطر الصراط و هول الزّبانية إلى آخر ما وردت به
الأخبار[2] فلا
[1] أخرجه الترمذي و البغوي في المصابيح ج
2 ص 182 و في الكافي ج 3 ص 242 من حديث أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ان للقبر
كلاما في كل يوم يقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، أنا القبر،
أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار».
[1] راجع بحار الأنوار ج 3 باب أحوال
المجرمين و المتقين في البرزخ.
[2] تقدم جلها في كتاب العقائد و راجع بحار
الأنوار كتاب المعاد
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 294