نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 16
الأخبار في كتاب العلم.
(ان وجوب التوبة عام) (في الأشخاص و
الأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة)
اعلم أنّ ظاهر الكتاب قد دل على هذا إذ قال
تعالى: «وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً»[1] فعمّم
الخطاب، و نور البصيرة أيضا يرشد إليه إذ معنى التّوبة الرّجوع عن الطريق المبعد
عن اللّه تعالى المقرّب إلى الشيطان و لا يتصوّر ذلك إلّا من عاقل و لا يكمل غريزة
العقل إلّا بعد كمال غريزة الشهوة و الغضب و سائر الصفات المذمومة الّتي هي وسائل
الشيطان إلى إغواء الإنسان إذ كمال العقل إنّما يكون عند مقاربة الأربعين و أصله
إنّما يتمّ عند مراهقة البلوغ و مباديه تظهر بعد سبع سنين، و الشهوات جنود الشيطان
و العقول جنود الملائكة، و إذا اجتمعا قام القتال بينهما بالضرورة، إذ لا يثبت
أحدهما للآخر فإنّهما ضدّان فالتطارد بينهما كالتطارد بين اللّيل و النهار و النور
و الظلمة، و مهما غلب أحدهما أزعج الآخر بالضرورة، و إذا كانت الشهوات تكمل في
الصبا و الشباب قبل كمال العقل فقد سبق جند الشيطان و استولى على المكان و وقع
للقلب به انس، و ألف لا محالة مقتضيات الشهوات بالعادة و غلب ذلك عليه و تعسّر
عليه النزوع عنه، ثمّ يلوح العقل الّذي هو حزب اللّه و جنده و منقذ أوليائه من
أيدي أعدائه شيئا فشيئا على التدريج، فإن لم يقو و لم يكمل سلمت مملكة القلب
للشيطان و أنجز اللّعين موعوده حيث قال: «لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ
إِلَّا قَلِيلًا»[2] و إن قوي العقل و كمل كان أوّل شغله قمع جنود الشيطان
بكسر الشهوات و مفارقة العادات و ردّ الطبع على سبيل القهر و الغلبة إلى العبادات
و لا معنى للتوبة إلّا هذا و هو الرّجوع عن طريق دليله الشهوة و خفيره الشيطان[1] إلى طريق اللّه تعالى و ليس في الوجود آدميّ إلّا و شهوته سابقة على عقله و غريزته
الّتي هي عدّة للشيطان متقدّمة على غريزته الّتي هي عدّة الملائكة فكان الرّجوع
عمّا سبق إليه على مساعدة الشهوات