نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 7 صفحه : 117
النفسي عن مشتهيات الطبع و مقتضيات الهوى،
ثمّ هذا الضرب إن كان صبرا عن شهوة البطن و الفرج سمّي عفّة، و إن كان على احتمال
مكروه اختلفت أساميه عند الناس باختلاف المكروه الّذي غلب عليه الصبر فإن كان في
مصيبة اقتصر على اسم الصبر، و تضادّه حالة تسمّى الجزع و الهلع و هو إطلاق داعي
الهوى ليسترسل في رفع الصوت و ضرب الخدود و شقّ الجيوب و غيرها، و إن كان في
احتمال الغنى سمّي ضبط النفس، و تضادّه حالة تسمّى البطر، و إن كان في حرب و
مقاتلة سمّي شجاعة، و يضادّه الجبن، و إن كان في كظم الغيظ و الغضب سمّي حلما، و
يضادّه التذمّر، و إن كان في نائبة من نوائب الزّمان مضجرة سمّي سعة الصدر، و
يضادّه الضجر و التبرّم و ضيق الصدر، و إن كان في إخفاء كلام سمّي كتمانا و سمّي
صاحبه كتوما، و إن كان عن فضول العيش سمّي زهدا، و يضادّه الحرص، و إن كان صبرا
على قدر يسير من الحظوظ سمّي قناعة، و يضادّه الشّره، فأكثر أخلاق الايمان داخل في
الصبر فلذلك لمّا سئل صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرّة عن الإيمان قال: «هو الصبر»[1] لأنّه
أكثر أعماله و أعزّها كما قال «الحجّ عرفة»[2] و قد جمع اللّه
تعالى أقسام ذلك و سمّى الكلّ صبرا فقال تعالى: «وَ
الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ (أي المصيبة) وَ الضَّرَّاءِ (أي
الفقر) وَ حِينَ الْبَأْسِ (أي المحاربة) أُولئِكَ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ»[3] فإذن هذه
أقسام الصبر باختلاف متعلّقاتها و من يأخذ المعاني من الأسامي يظنّ أنّ هذه أحوال
مختلفة في ذواتها و حقائقها من حيث رأى الأسامي مختلفة، و الّذي يسلك الطريق
المستقيم و ينظر بنور اللّه يلحظ المعاني أوّلا فيطّلع على حقائقها، ثمّ يلاحظ
الأسامي فإنّها وضعت دالّة على المعاني، فالمعاني هي الأصول و الألفاظ هي التوابع
و من يطلب الأصول من التوابع لا بدّ و أن يزلّ و إلى الفريقين الإشارة بقوله
تعالى: «أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ
يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»[4] فإنّ
الكفّار لم يغلطوا فيما غلطوا فيه إلّا بمثل هذه الانعكاسات.